إسماعيل هموني
أيها الولد (1)
***********
أيها الولد؛
وأنت في بداياتك إلى أين تحملك نظراتك؟ هل كنت تبصر
خفيا ؛ وأنت لست الخضر ؛ ترى تشكيلا في غمغمة الغيب؛
كأنه الهباء / البهاء الذي جئت منه؟
كنت تمشي في واد معشوشب بالأسرار ؛ فيه مواطيء
للأولياء؛ وذكر لأهل الله ؛ فيه فتوحات؛ و تأملات تشرب
بروحك منها ما اسطعت إليه سبيلا.
لم تخف تأملك في حالك؛ بل زدته حكمة حتى تنادى فيك
الصمت ؛ وتجاذب فيك الصدى ؛ وأنت لست في عصمة من
السهو .
هل مستك أقطاب غيبية في وسع ضيقك أم كنت تسترق
السمع لدواخلك لأنك تتقصد في مشيك؛ لترى روحك تجول
في كافة الناس؛ وأنت تهم بالخروج إلى يوم الخروج ؟
تقف على زمن ؛ ظاهر خفي؛ لا ريب فيه؛ زمن تشخص فيه
(العيون)؛ يوم كان يتسرمد النظر ؛ ولا خلاف في الشساعات؛
كنت نعيم المسافات؛ تقول لمن كانوا يتحلقون حولك:
ألست منكم؟
وتسمع همس أنفاسهم؛ غائرا في دمك؛ جئناك فطرة نبغي
قطوفا دانية من طري دمك/ حلمك؛ وأنت تعلم أنك موسوي
النزعة في حضرة الخضر اللدني الجليل.
تقطف لجلاسك من بستانك ما ملأت به كفوفك من شهي
البلاغة حين تختمر في دنان الفتوحات الشعرية؛ و تنضد
موائدك بما يعمر مائدة موسى يوم النداء؛ حتى تكون عيدا
لأولهم وآخرهم؛ ثم تردف ؛ ولي من فصوص اللغة ما جادت
به قرائح الأفذاذ من أمراء الكلام.
ويسحبك الوقت من وقتك ؛ سريعا ؛ ليرحل بك في سماوات
العلا؛ تترك مقامك هناك مجمع (العيون) على أصول البركات؛
وحصول المنفعة؛ والنعيم لأهل الواد والسواقي؛ لتعبر إلى
فيحاء أخرى من رحلتك بين (المواقف) ؛ و(الطواسين) لتعرج
في سرك إلى آلام تحلجت بك؛ في عروج إلى (الفتح المبين).
وإلى يوم الناس هذا؛
مازلت بين الكاف والنون تبعث مكارم التعلم في مجاييلك؛
توسع فيضهم بفيضك؛ في رحلة هي الموئل والمنتهى.
أبها الولد؛
كن قاب قوسين من كمالات الحب.