صابر الجانزوري
قارئة وفنجان " قصة قصيرة "
يجلس الطفل الصغير متطلعا لعينيها الخضراوين وضحكتها الصافية ، يجذبه إليها صوتها العذب الرقيق الممتزج بحنان يتدفق كجدول صاف فى بستان ورد.
- شوفى لى الفنجان ياجدتي !
كان يقلد أبيه ويشرب القهوة ، يترك بعضا منها فى الفنجان ، يرجه قليلا ، يوشوشه بكلمات فيها امنيات ، ثم يضعه مقلوبا على طبق القهوة الصينى الصغير الذى نقشت عليه بعض الورود الحمراء .
تضحك جدته ضحكتها العذبة
تقول : من شابه اباه ما ظلم !
تلتقط الفنجان ، تتأمل النقوش والرسومات.
كانت تقرأ احلامه الصغيره قائلة له:
- اراك تقود سيارة ، وهذه الفتاة الجميلة ستكون عروستك ، وهذه الحقول سوف تكون مزرعتك وهذه الطائرة سوف تسافر عليها !
فى الليلة الأخيرة من اليأس الذى داهمه بعد فشله فى الحصول على عمل بعد تخرجه من الجامعه ، كان هناك فوق الجبل المخيف، اغمض عينيه ، ألقى بنفسه !
رآها فى لحظة سقوطه وكأنها هبطت من السماء ، مدت يديها إليه ، انقذته قبل السقوط !
قالت : مش مصدقنى ؟
بكرة تشوف هايتحقق لك الوعد !
فى الصباح ذهب لعمل مقابلة فى شركة كبيرة ، كان بداخله شعور مختلف عن كل المرات السابقة التى كان يذهب فيها لعمل مقابلة ، جدته كانت فى خاطره وكأنها تحضر معه دون أن يراها أحد .
لم يصدق نفسه عندما
قالوا له : احضر اوراقك واستعد للسفر!
مصدقك ياجدتي ..قالها فى فرحة غامرة .
فى حديقته ..
امسك حفيده فنجان القهوة المقلوب وجلس أمام جدته متطلعا لعينيها الخضراوين
قائلا : جدتى شوفى لى الفنجان !