(من أدب المقابلات الشعرية)
تقديم/عبدالمجيد محمد باعباد...
المقابلة الليلة مع عملاق من عمالقة الأدب العربي ولد في معرة النعمان بسوريا، وذلك عام 973 ميلادي، أصيب بداء الجدري وهو ابن الثالثة، ما أدى إلى إصابته بالعمى، وكان يقول: "أنا لا أعرف من الألوان غير الأحمر، لأني أُلبست ثوباً أحمر عند إصابتي بالجدري"،ومن ثم ذهب إلى بغداد ومكث فيها قرابة العام وذلك إبان خلافة المرتضى (عبدالله بن المعتز، أحد الخلفاء العباسيين)، ثم ما لبث أن عاد إلى مسقط رأسه في معرة النعمان، وهناك اعتزل الحياة في آخر عمره ولزم منزله وأطلق على نفسه لقب رهين المحبسين،ويقصد بذلك أنه أسير منزله إذ اعتزل فيه وأسير عماه، فكانت بصيرته فذة وسرعة بديهته كذلك وبهما تحمل صروف الدهر وصبر على مكتوب القدر...وفيما يلي
(المقابلة)
أجريت حوارًا طريفًا مع أبي العلاء المعري يسعدنا هذه الليلة في هذا اللقاء السريع أن نستضيف فيلسوف الشعر وحكيم الأدب أهلا وسهلا بك أديبنا المتصوف وشاعرنا المتفلسف ...
هل لك أن توصلنا إلى ذروة إبداعك وتعرفنا بداية عن نفسك؟
وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانُه
لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائلُ
-عشت حياتك أعمى كيف تحملت ذلك كله ؟
أحمد اللّه على العمى كما يحمده غيري على البصر.
بماذا تنصح أولئك الذين يعتبرون العمى حاجز من حواجز الحياة وعائق من عوائق الفهم ومانع من موانع العلم ؟
وإذا مرَّ أعمى فارحموهُ وأيقِنوا
وإن لم تُكَفُّـوا، أنَّ كلَّكـمُ أعمى
- عامة الناس في زماننا يقولون ذي ما يعرفك ما يقدرك أنت بماذا ترد عليهم ؟
وما ضرني إلا الذين عرفتهم
جزى الله بالخيرات من لستُ أعرفُ
-عشتُ حياتك أعزبًا ولم تتزوج فكيف تحملت حياة العزوبية ومعاناتها ؟
خصاؤك خيرٌ من زواجك حرة
فكيف إذا أصبحتَ زوجا لمومسِ؟
-كنت تعتبر الإنجاب مشكلة يتحمل وزرها الآباء فماذا أوصيتهم أن يكتبوا فوق قبرك ؟
هذا ما جناه أبي علي
وما جنيت على أحدِ
_حسنًا قلي ما هو منظور فلسفتك لتقول للآباء بأن الإنجاب مشكلة يتحملها الآباء وأن التناسل يفعل بالأبناء فعله؟؟
أرى ولدَ الفتى كَلاً عليهِ … لقد سَعِدَ الذي أمسى عقيما
أما شاهَدْتَ كلَّ أبي وليدٍ … يؤمُّ طريقَ حَتْفٍ مستقيما –
فإما أن يُرَبِّيَهُ عدواً … وإِما أن يُخَلِّفَهُ يتيما –
_ولكن أظن أن اليأس الحياة بلغ بك مبلغه فهل كنت متشائم من معيشة الناس وحبهم للحياة ؟
لا يغبطن أخو نعمى بنعمته*** بئس الحياة حياة بعدها الشجب***نحن البرية أمسى كلنا دنفا*** يحب دنياه حبا فوق ما يجب
_ولكن إذا كان هناك كثيرٌ من الناس يتضرعون لأجل الحياة ومديد العمر، والبعض منهم يغفلون عمل الخير مع غيرهم من الناس وتأخذهم غفلة الحياة الدنيا ليؤخروا خيرهم، وعندما تحين ساعة الأجل، يكون الندم والصحو من تلك الغفلة ما رأيك أنت في ذلك ؟،
نرجو الحياة فإن همّت هواجسُنا....بالخير قال رجاء النفس إرجاءْ
وما نفيق من السكرِ المحيطِ بنا...إلا إذا قيل هذا الموتُ قد جاءْ
_أما تعلم أننا نعشق أدبك ونتذوق شعرك
ولم نكتفِ منه بعد فكيف تدلني إليه أكثر؟
ما سِرتُ إلا وطَيفٌ منك يصحَبُني
سُرًى أمامي وتأويبًا على أثري
لو حطّ رَحليَ فوقَ النجمِ رافعُه
وجدتُ ثَمَّ خيالا منك منتظِري..
_أطلقت على نفسك لقب رهين المحبسين ،ولزمت بيتك دهرًا طويلا ولكن حكمتك وقوة بصيرتك وعمق فلسفتك هنَّ من حررنكَّ من تلك القيود ما رأيك؟
أراني في الثلاثة من سجوني فلا تسأل عن الخبر النبيث
لفقدي ناظري ولزوم بيتي وكون النفس في الجسد الخبيث..
_يبدو أنك عشت غريبًا بين قومك وبالذات آخر أيام عمرك واعتزلت الحياة وبقيت وحيدًا فما قولك في هذا؟
أولو الفضل في أوطانهم غرباءُ
تشِذُّ وتنأى عنهم القرباءُ
_ لماذا اعتزلت الحياة وابتعدت عن مخالطة الناس وبقيت جليس الوحدة؟
من عاشر الناس لم يعدم نفاقهم ..
فما يفوهون من حق بتصريح.
_ألم تجد واحدًا من الناس يقف إلى جانبك ليخفف معاناتك ويلين معك قساوة العيش ؟
ما كان ، في هذه الدنيا ، أخو رِشَدٍ
ولا يكونُ ، ولا في الدهر إحسانُ.
_حبذا أن تصف لنا مشاعرك إذا اجتمعت معك أصحابك ؟
إِذا حَضَرَت عِندي الجَماعَةُ أَوحَشَت
فَما وَحدَتي إِلّا صَحيفَةُ إيناسي
طَهارَةُ مِثلي في التَباعُدِ عَنكُمُ
وَقُربُكُمُ يَجني هُمومي وَأَدناسي
_أظن أنه لم يكن لك أصحاب حتى تجالسهم؟
لوَ اني في عِدادِ الرملٍ صَحبي..
لأُودعت الثرى وتُركتُ وحدي..
_ أفهم من قولك أنك فضلت البقاء في الوحدة فماذا تقول للذي أدمن مخالطة الناس بدون فائدة ولا جدوى من ذلك؟..
ما للفتى إلا انفرادٌ ووحدةٌ
إذا هو لم يُرزقْ بلوغَ المآربِ.
_ولكن كيف تحملت طول البقاء في بيتك بالإضافة إلى العمى والوحدة والفقر وعزلة الرجال من جانب آخر؟
تود البقاء النفس من خيفة الردى ..
وطول بقاء المرء سم مجرب ،
ما الأرض إلا مثلنا الرزق تبتغي
فتأكل من هذا الأنام وتشرب
_ والآن قل لي بوضوح تام ما هو مذهبك الديني وما هو توجهك الفلسفي ؟
إذا سألوا عن مذهبي فهو بيِّن ... وهل أنا إلا مثل غيري أبلهُ
_ولكن الكثير من المغرضين في زماننا الحالي تارة ينسبون توجهك إلى المتصوفين وتارة إلى أولئك المعتزلة الذين أدمنوا الفلسفة حتى تجاوزوا حدود المنطق وأنت بماذا ترد عليهم ؟
قل الثُقات فما أدري بمن أثق لم
يبق في الأرض إلا الزورُ والملقُ
_ لم تتقيد في علوم اللغة وفنون الأدب فحسب بل تبحرت في علوم ومعارف كثيرة وتركت موروثًا أدبيًا وإرثًا علميًا لا يستهان بهما ولكن أصدقني القول تأثرت كثيرًا بالفلسفة وتبحرت في علم الأديان والمنطق وغيرهما وأدمنت العزلة والتصوف وزهدت عن متاع الحياة وملذاتها فهل كان في ذلك تأثيرًا على عقليتك أو زاد ذلك من حدة تدينك؟
وما دام الفتى بحجى..... ولكن يعلمه التدين أقربوه
_ولكن ما زال المغرضين يحاولون النيل منك ويذمون فلسفتك ويطعنون في أشعارك غير الملتزمة على حد قولهم فكيف ترد عليهم .؟
لا تظلموا الموتَى وإن طالَ المَدى
إني أخافُ عليكُمُ أن تَلتَقوا..
_إذا كانت نوايا الناس غير متضحة لنا وأفكارهم ليست راجحة حسب فهمنا فإن عقول البشر تختلف عن بعضها البعض فأنت حسب فهمك الفلسفي كيف تنظر لعقول البشر في عالمنا بل قل لي كم تصنف عقول أهل الأرض؟.
اثنان أهل الأرض : ذو عقــلٍ بلا ديــن وآخر ديِّنٌ لا عقل لهْ..
_أفهم من قولك هذا أن المتدينين في حياتنا أحيانا يخرجون عن جادة العقل ويعيشون بلا عقول لأنهم يتقيدون بمحض أفكارهم ويتعصبون لمعتقداتهم ويتشددون لدينهم ولمذاهبهم ولجماعاتهم ولا يحيدون عنها ويقدسون رجالهم ويؤمنون أنهم وحدهم على صواب والآخرين على خطأ ولا يتعقلون بوعي عقولهم كما ينبغي هذا ما تقصده به متدينين بلا عقول أولئك الذين ينظرون إلى الناس بغير عقولهم بل بتدينهم وبتشددهم للدين وأما أولئك الذين يتعقلون الأشياء بعقولهم وليس بتدينهم ولا ينظرون نحو غيرهم من زاوية التدين والتعصب والتشدد والتمذهب بل ينظرون إلى من حولهم من زاوية عقولهم فقط وربما يكون علماء أو جهلاء ولكن ينقصهم التدين فقط وينقصهم الإيمان أيضا وأفهم من قولك أن (العقل) وحده هو الذي يقود الإنسان إلى رشده أو إلى ضلاله بغض النظر عن تدينه فالدين جاء ليحرر العقول ويفك أغلالها لا ليستعبدها وجاء ليفتح أمامها الآفاق لا ليضيقها كما يفعل أصحابها اليوم بل جاء الدين يهديها نحو الطريق الصائب ولكن عقول أتباعها تزداد تضيقًا وتنسلخ تفكفكًا وتنحرف تباعدا عن مسارها الصحيح حتى تخرج عن جادة عقولها بسبب الغلو في التدين أو الجهل في فهم الدين فهل هذا ما تقصده يا أبا العلاء ؟
أيها الغرّ إنْ خُصِصْتَ بعقلٍ ... فاتّبعْهُ فكلّ عقلٍ نبي
فشاور العقل واترك غيره هدرا
فالعقلُ خيرُ مشيٍر ضمّه النادي..
والمرء بالعقل مثل القوس بالوتر...
إن فاتها وتر عدت من الخشبِ.
_ولكن كيف يكون ذلك يا أبا العلاء فإن التتطبع يسبق مرحلة التعقل فما هو رأيك؟
لا تقيِّد عليَّ لفظي فإني ..
مثل غيري تكلُّمي بالمجازِ. -
_أقصد أن الطباع تتغلب على العقول أحيانًا ولن نصل إلى مرحلة التعقل طالما لم نمر من مرحلة التطبع أنت ما رأيك في هذا؟
وينشأ ناشئ الفتيان منا ... على ما كان عوّده أبوه
ولقد نهاني عقلي عن أمور كثيرة ..وطبعي إليها بالغريزة جاذبي...
_ الآن اتضحت لك الفكرة ولكن قلي ما هي فلسفة الدهر؟
الدهر كالدهر والأيام واحدة ...
والناس كالناس والدنيا لمن غلبا
_وهل لك أن تصف لي حقيقة الدهر؟
الدَهرُ أَخرَقُ ما اِهتَدى لِصَنيعَةٍ وَبَنوهُ كُلُّهُمُ سَفيهٌ أَخرَقُ وَتَشابَهَت أَجسامُنا وَتَخالَفَت أَغراضُنا فَمُغَرِّبٌ وَمُشَرِّقُ
_كيف هي معرفتك بالزمان وما هي مواقفك تجاه تقلباته؟
لقد طالَ اِعترافي بالزمانِ وصرفِهِ
فَلَستُ أُبالي مَنْ تَغُولُ الغَوائل
فلو بانَ عَضْدي ما تأسفَ منكبي
ولو ماتَ زَندي ما بَكَتْهُ الأنامِلُ
_إلى أين وصلت نتائج فلسفتك حول الزمان وأهله؟
توَهمتُ خَيراً في الزمانِ وأهلِهِ
وكانَ خيالاً لا يَصِحُ, التوهمُ!
_كيف تقضي أسلوبك اليومي في هذه الحياة؟
يَنافسُ يومي في أمسي، تشرُّفاً ؛
وتحسدُ أسحاري عليَّ الأصائِلُ
_إذا وضح لي ما هي حقيقة الحياة؟
تعبٌ كلها الحياة فما أعجبُ إلا من راغبٍ في ازديادِ.
_حبذا أن تعطيني تعريفًا مشتملًا نعوت الدنيا وحقيقتها ؟
قَد فاضَت الدُنَيا بِأَدناسِها عَلى بَراياها وَأَجناسِها
وَكُلُ حَي فَوقَها ظالِمٌ وَما بِها أَظلَمُ مِن ناسِها
_رغم مرارة العيش وقسوته ماذا تقول لمن ذاق اليأس منه؟
العيشُ ماضٍ فأكرمْ والديكَ به … والأُمُّ أولى بإِكرامٍ وإِحسانِ
وحسبُها الحملُ والإِرضاع تُدمِنه … أمران بالفضلِ نالا كلَّ إِنسانِ
_ لقد صار الجهل آفة منتشرة في حياة الأمم وأصبح وباءً خبيثًا يفتك بالبشر ما رأيك أنت؟...
ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا
تجاهلت حتى ظن إني جاهلُ
فوا عجبا كم يدعي الفضل ناقص
ووا أسفا كم يظهر النقص فاضلُ
_ولكن ما نسبة العقلاء والجهلاء في حياة الناس؟
قد كثرت في الأرض جُهالُنا
والعاقل الحازم فينا غريبُ
_إذا ما هي وجهة نظرك حول العلم والجهل؟
العلم يرفع بيتاً لا عماد له
والجهل يهدم بيت العز والشرف
-أذكر لي ما تحمله نفسك من نبل وقيم لي ذاتك كما تعرفها؟..
إلا في سبيل المجد ما أنا فاعل
عفاف وإقدام وحزم ونائل
_ نحن بشر لسنا مجبرين علي تبرير المواقف لمن يُسيء الظن بنا! من يعرفنا جيداً يفهمنا جيداً ..
فالعين تكذب نفسها إذا أحبت
والأذن تصدق الغير إن كرهت.
واللسان تعبث بالثناء إذا شبعت بغير طائلة أنت قل رأيك في هذا؟
وإِذا الفتى عرف الرشادَ لنفسهِ
هانت عليه ملامة الجهّال.
_أحيانًا يقودنا القدر إلى ما لا نريده ولا ندرك إنه كان لصالحنا لأننا ممتهورين دائمًا في سرعة النتائج ما رأيك؟
-ورَدْنا إلى الدّنيا بإذْنِ مليكِنا
لِمَغزًى ولَسنا عالمينَ بما غُزي
_ كل واحدا منا لهُ عيوبه الشخصية ومن منا خالي من العيوب ولكن هناك الكثير يقولون أن لك عيوبًا كثيرة بماذا ترد عليهم؟
عيوبي إن سألت بها كثيرٌ وأيُ الناس ليسَ له عُيوبُ؟ وللإنسان ظاهرُ ما يراهُ وليس عليه ما تُخفي الغيوبُ
يَجُرّونَ الذُيولَ عَلى المَخازي
وَقَد مُلِئَت مِنَ الغِشِّ الجُيوبُ
وَكَيفَ يَصولُ في الأَيّامِ لَيثٌ
إِذا وَهَتِ المَخالِبُ وَالنُيوبُ
_حسنًا ماذا تقول لأولئك الحساد الذين يحاولون تشويه سمعتك والحد من فلسفتك والنيل من أدبك والوضع بمستوى شعرك؟
عل البلى سيُفيدُ الشخصَ فائدَةً
فـ المِسكُ يزدادُ من طيبٍ إذا سُحقا!
_وماذا تقول للذين يحاولون اخفائك عن سماء الأدب العربي؟
وقد سار ذكري في البلاد فمن لهم***
بإخفاء شمس ضوءها متكاملٌ
_وماذا تنصح الذين يتأثرون بالسفهاء ويرفعون الجهلاء ويتابعون التفهاء بحماقتهم السخيفة؟
وَلا تجلِس إلى أَهلِ الدَنَايَا
فَإِنَ خَلائِقَ السُفَهَاءِ تُعدِي
_وماذا تقول عن غدر الأصحاب إذا حصل معنا ذلك ؟
يغدرُ الخلُّ إِن تكفل يوماً …
بوفاءٍ والغدرُ في الناسِ طَبْعُ
_وماذا تقول عن فلسفة الصمت؟
قد يحسبُ الصمتُ الطويلُ من الفتى... حلماً يوقرُ وهو فيه تخلفُ..
_إذا متى يكون صمت الإنسان وقيةً له،ومتى يكون الترفع عن السفهاء،خيرٌ له من الرد عليهم،؟
إذا سكت الإنسان قلت خصومه....وإن أضجعته الحادثات لجنبه
وإن سيفاً من كلامٍ مسفّهٍ...عليك فقابله بصبرك تسلمِ
_وماذا تقول عن النفس وفلسفة القناعة؟
وإن اقتناع النفس من أحسن الغنى
كما أن سوء الحرص من أقبح الفقر.
_نعلم أن رغد العيش لا يقطع حبال المودة أنت ما رأيك ؟
إذا صاحبت في أيام البؤس.....
فلا تنسَ المودة في الرخاء
ومن يعدم أخوه في غناه.
فما أدى الحقيقة في الإخاء
_أعلم أنك من عشاق أدب الشاعر أبو الطيب المتنبي وكنت من المنافحين والمدافعين عنه حتى أنك ضربت ذات مرة بسبب منافحتك له وكنت تقول لمنهم حولك أن المتنبي كان يقصدك أنت بقول الأعمى في بيته المشهور فما هو هذا اليبت؟
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻈﺮ ﺍلأﻋمى إﻟﻰ ﺃﺩﺑﻲ **
ﻭﺃسمعت ﻛﻠﻤﺎﺗﻲ ﻣﻦ ﺑﻪ ﺻﻤﻢ
في حياتنا المتطاولون بأحجامهم يضعون مواضعهم في غير موضعها والكثير من الناس يعيشون حياتهم في تناقض وتعارض مقيت ماذا تقول لهم ؟
إذا وصَفَ الطائي، بالبُخلِ، مادِرٌ
وعَيَّرَ قُساً، بالفهاهةِ، باقِلُ
وقال السُّهى للشمس : أنتِ خفيَّةٌ
وقال الدُجى : يا صُبحُ لونُكَ حائلُ
وطاولتِ الأرضُ السماءَ، سفاهَةً
،وفاخرتِ الشُهُبَ الحصى والجنادِلُ
،فيا موتُ زُرْ ! إن الحياةَ ذميمةٌ
ويا نفسُ جِدِّي ! إن دَهرَكِ هازِلُ
_كثير منا لا يفرق بين عبرات الحزن وعبرات الفرح كيف توضح ذلك؟
تخالون أَني مِن حذارَ الردى أبكي فلا تحسبوا دمعي لوجد وجدتُهُ، فقد تدمُع الأحداقُ من كثرةِ الضحكٍِ
_صف لنا الأيام وصروفها كما تراها بمفهوم فلسفتك؟
وتأكلنا أيامنا فكأنما***تمر بنا الساعات وهي أسود
-_وكيف تدلنا إلى راحة العمر إذا انهكتنا السبل؟
إذا كان بسطُ العمرِ ليس بكاسبٍ
سوى شقوةٍ فالموتُ خيرٌ وأسلمُ
_قبل أن نختم لقائنا معك صف لنا الموت؟
الموتُ نومٌ طويلٌ ماله أمدٌ ..
والنومُ موتٌ قصير فهو مُنْجابُ
_ دائما تهون أمامنا الحياة ولكن أكثر ما تضيق بأهلها ونيأس منها ولا نعلم أنها تمر بنا ونحن راحلينا منها ختامًا قل بسرعة كلمة أخيرة نختم بها لقائنا ؟
وهَوّن ما نَلْقى من البُؤس أنّنا
بنو سَفَرٍ أو عابِرونَ على جِسْرِ
