GuidePedia

 ((المقامة المحوطية))


كتبها/ عبدالمجيد محمد باعباد...


من الأرشيف كتبت تاريخ (19 /7/ 2018)


وهي دراما يومية يعيشها سكان الضالع..


تجسد حياة الرعية ومعاناة المشاريع 


وبالأخص في بلاد السكاسك وما جاورها 


من قرى ومناطق حجر وسناح وخوبر 


والعقلة والأكمة وقرى الحصين بالذات...


وتعتبر هذه المقامة موروث شعبي ومستودع إرثي


لبلاد الضالع حيث جسدت شكل المعاناة التي يعيشها مزارعي القات وتناولت حياة المزارع وشملت معظم الألفاظ والكثير من الأحداث التي يعيشها السكان والأهالي في مزاولة مهنة زراعة القات...


في البداية أطرق قليلًا وأوضح لكم من أين جاءت مصادر هذه المسميات المستخدمة في مهنة زراعة القات فإن سكان المناطق هذه يطلقون على مكان ومزرعة القات اسم الحائط ويقولون هذا حائط القات والتسمية جاءت من الإحاطة أي شكل المكان الذي يتم فيه زراعة القات يكون مدور أو مربع أو مثلث حسب قطعة الأرض والجربة التي يتم حرثها بشكل مهندس مما يجعلها محاطة من كل مكان بكثبان رملية يسمونها الأودان أو بالزرب بعد الانتهاء من عملية الغريس يتم تزريب الحائط بشكل محوط بالزرب أي مدور أو مربع أو مثلث حسب شكله مما يجعله محوط بالزرب أو محاط بالشباك من كل مكان حتى لا تأكلها الأغناءومن هنا جاءت هذه التسمية ومن ثم تعددت اشتقاقاتها فأصبحوا يطلقون على من يقوم بالأعتناء بغرسة القات اسم المحوطي ويجمعون ذلك ويقولون المحاوطة نسبة إلى اسم الحائط وهو المكان الذي فيه زراعة القات ويجمعون ذلك حوائط القات فلو لحظنا إلى مجمل الكلمات والألفاظ المستخدمة في زراعة القات فإنها كثيرة جدا ولكن ما يؤكد أن اللغة لها دور كبير في حياة المهن والحرف ودعوني أوضح لكم هذه العلاقة التي تربط اللغة بسائر المهن والحرف ولا يقتصر ذلك على زراعة القات فالغتنا تنمي وتشجع المهن منذ زمن لكن الناس لا تدرك هذه المعاني التي تستخدمها في كل مهنة فالغتنا ثرية وتتناسب مع الصناعة والزراعة والتجارة وجميع المهن وإليكم الآن مصطلحات مهنة زراعة القات ففيها العديد من التخصصات فالشخص الذي يشرف على الرعوأة يسمونه رعوي والشخص الذي يعتني بالحائط يسمى محوطي والشخص الذي يقوم بالسقاية يسمى مسقي والذي يهتم برش السم يسمى مسمم والذي يهتم بالشراحة يسمى شارح والذي يزود يسرح الطعام يسمى مزود والذي يقوم بالحراسة يسمى حارس والذي يحرسه في الغلس يسمى مغلس والذي يقوم بالحجنة حجان والذي يقوم بتشجير الشجر يسمى مشجر وتريشه مريش وتسبيبه مسبب وتزريبه مزرب وتتريبه مترب والذي يقوم بقلعه قلاع والمزارع الذي يقوم بغرسه غراس والذي يقوم بحشجه حشاج والذي يلقط أغصان الرؤوس موجه والذي يجفف الغروس من الندى باكرًا موجف والذي يقوم بتطويفه ومفاقدته يسمى مطوف والذي يقوم بتوليفه موالف من الاسم جاء من  التوليف أي جمع الأغصان ويسمون حصاد القات الآلب أو التأليب واللفظ هنا عربي فصيح جاء من الفعل ألبَّ أي جمع أغصان القات والذي يقوم بقطفه مقطف والذي يقوم بحصاد القات ملقط والذي يربطه مربط والذي يقشطه مقشط والذي يسوق القات إلى السوق يسمى مقوت الذي يزرعه ويقوم ببيعه أما الذي يشتريه بغرض التجارة يسمى مقوتي والذي يحرج به محرج والذي يعده عداد والذي يدل على بيعه دلالل والذي يحل به محلل والذي يقاطع به مقاطع والذي يأكله مخزن أو مولع أو مخرم وغيرها وهكذا تتم زراعة القات بعد عناء ومحنة من المسقي إلى المسمم إلى ممارس الحراسة ومتمم الشراحة وملقط الوزحة ومرابط الوزحة وعداد المرقحة ومحرج الأشكال والمحاسب والبائع والمقاطع و...ووووغيرها فهذه العملية تتم بعد تداول هذه المشاق والأعمال بين مختلف الأشخاص الذين يمارسون هذه المهنة يطلقون عليهم اسم الرعية أي من الرعاية والاهتمام بشجرة القات وهكذا يقول الرعوي باعباد أيها.......


((المتمحوطون والحائطيون إليكم مقامة المحاوطة))


حكى لنا المحوطي باعباد قال :داهمتنا أزمات شداد ،منذ ساءت أوضاع البلاد، فلبستَ مزارعنا أثواب الحداد، فأمسيتُ مهموم الفؤاد ،وأكتحلت عيني بالسهاد، بعد أن خسرتُ الحصاد ،وأكتست غرستي بالقتاد ؟فطفقتُ أجوب الوهاد، وأقصد آبار البلاد.،من أجل سقاية غرسة الواد،فقد عبرتُ كل مخلاف، وعسيتُ زربات الخلاف،وأستوقفتُ بوابير الزفاف، ولكن داهني الذبول والجفاف ،وأصابني ظمأ الأقطاف،وأنهكني جهد المطاف، ومن ثَّم رفعتُ ُالأكتاف،وأخذت ما في حوزتي من نشافٍ وقصيبات،.وحملتُ الشراعات والمصبات،ومصعتُ البيبات،وسيرتُ التيوبات،وربطُ الأربال فوق القطع المبتكات،وفكفكت عاجات المسكوكات،وفتحتُ أغطية الكاكات،وجهزت أنابيب النفاثات،وتفقدت المثلوثات، وجحبت على ظهري النشافات ،وسحبت اللفات ،وعسيتُ مزاريب الخلافات، وذلك لأحصل على سويعات ماء، لأروي مزرعتي من الظمأ ،حيث سرتُ لا أرى بئرًا إلا قصدته ،ولا عاملًا إلا قفوته ،ولا كثبانًا إلا علوته ،ولا مزرابًا إلا عسيته ولا حطابًا إلا دعسته،ولا طريقًا إلا هطعته، ولا مخلافًا إلا قطعته،ولا واديا إلا جزعته،ولا مسقيًا إلا استطلعته ،فلما وصلت إلى وادي العدين ،رأيت أحد المسقين ،فسألته كيف المشاريع، فأجابني بلسان سريع،: أمرها مريع ناشبت الجراحات ،متعددة الفتحات ،متباعدة في المساحات ،ساحية في كل الساحات ،تعتريها النخسات ،وتشوبها كثرة التنخيسات،لأنها مليئة بفواصل الفكات،وقطعها سريعة التفككات،بها تجود التسربات ،وتكثر الخواري المنشنشات ،والمشاريع المرشرشات .لأن عجلاتها رثة ،ولفاتها متراءة، ،ومنافثها متردية ،ومنافذها رديئة ،تنتابها العكمات، وتراودها التعكيمات،لأن شبكاتها متعسرة،وقصيباتها متكسرة،وقطعها مبزقة ،ومربعاتها ممزقة ،وأوصالها مفرقة ،فقلت:يا أخا التحويط ،هل ينفع التحشيط والرباط ،أم ستزيدني إعباط ؟وهل مشروعها فضفاض ؟وأنبوبها مغتاض؟ وجرحها فياض؟ فقال: لي اطمئن البال ،وعليك بجواني من الأربال، وعقد فكاتها بالدبال ،كما تعقد النبال بالحبال، فشكرته على إيضاح المعمى، لما ينتاب مشاريع الماء من الكسور والأضرار ،فسألته وهو مولي الإدبار،فما شأن الآبار؟، فأجابني على عجالةٍ وقال:بعضها شغاله مع المساهمين والجماعة ولا تعطي المسقين ساعة ،ومعظمها طافئات، أو واقفات، من أزمة المشتقات ،فقلت :له أرشدني عن بئر أمرها يسير ،فقال :عليك المسير الى بئر الحصير، وبادر بالتسجيل والتزكين ،عند عامل المكين، فعبرت الوديان ،وصعدت الآودان ،وتخطيت الحيطان ،وعسيت المخاليف والمزاريب ،وأسرعت التسريب والمشية ،وسرت فوق كل عبيلة وريشة، وانتحيت تلك النواحي، وقطعت لكام الضواحي إلى أن وصلت وادي التباحي ،حيث الآبار الارتوازية، والمكائن الاهتزازية ،فصعدت إلى ديمة إرتكازية ،جوارها بئر إرتوازية، فسألت:؟ عاملها بعدما قعدت وأجفوت،قلت :له أريد منك ماء عندي فوت ، مللتُ من العيشة ،وغرستي قششه،ومزرعتي صارت يابسةً، وحالتي باتت يائسةً،فأجابني :بسرعة مشاكسة،ولفت إلي بنظرة معاكسة ،ورمقني بأنفه المنخر،وأومه بأصبعه مأشر ،أرجع لي بعد شهر، من الآن ،عندي مسقيين مليان ،ومساهمين طلعوا لي الغثيان ،كل واحدٍ منهم يأخذ يومه ،ولا يكتفِ بسهمه، أهرموني من كثر المناشدة ،ونحن في أيام الشدة، وشمس تفور وتغيض ،وأزمة زادت من القيض، وذلك ما تسببه انعدام في المشتقات النفطية، وجفاف عند الرعية ،فغادرته بخيبة متأسفة، وانصرفت عنه بسرعة خاطفة، إلى أن وصلت إلى بئر طافئة، فقصدت عاملها وموزع مائها، فقلت: له أريد سقية ماء ،هلكتي غرستي من الظمأ ،فأجابني وكأنه أمامي يتمهزل !فقال :ما عندنا ديزل، فتركته ومشيت، وربط كشيدتي، واحتشيت ،فناداني من بعيد يا زميل ،أعطنا برميلا من الديزيل، إذا عندك مخزونا من الديزل والبنزين ،سنشغل لك البئر حتى يومين، فقلت :له لا طلبت المعدوم، وظنتت المشتق الذي لا يدوم، ولست ممن يدخر الحيطات، ولا أرتاد المحطات، وأكره التغلل في تلك الجنبات، ولا أحب الوقوف بجانب الطرنبات ،فانصرفت عنه مسرعا في المشي والتسريبات ،وطفقت انظر في تلك الجهات، فلمحت سدودًا مطوسات،وجوارها مكائن غطاسات ،فدلفت إليها متمهلا في اللمسات ،لعلي أحظ ببعض الساعات، فاقتربت من عاملها، وهو متكأ على سقالة، فسألته :ليش البئر مش شغالة ؟هل لي سويعات ماء للسقاية ؟لأطمر مزرعتي بالوقاية من الذبول !فأجابني وعلى وجهه حدة ذهول !لا والله ما لك فيها من نصيب، لقد تكسرت القصيب ،وتأكلت الأميال والربله ،فهي الآن عاطلة ،فانصرفت بعدما طويت الإطالة ،ولم تكن لي طائلة وسئمت من كثر المماطلة، والأزمات المعضلة، فغادرت تلك النواحي ،وخرجت من وادي التباحي ،بخفي حنين ولم أحصل على بضع ساعة والكل يشكوا الجفاف والشدة والمجاعة، فعدت من حيث أتيت ،وأنا أجر أذيال الكائبة ،وأطلق الندابة ،وعلى وجهي ملامح الندامة ،وبينما أنا في طريق عودتي من الأكمة ،صادفت في مسيري ديمة أديمة ،أحجارها قديمة ،فأستقلت الطريق الفرعية ،وقلت :سأستريح خلف جدارها سويعة ،فما أن اقتربت من مبناها، ولمست لبنها ،ووقفت بابها ،وسلمت على أصحابها ،فسألوني وهم واثقين هل أنت من المسقين ؟فأجبتهم بيقين ،بلى أنا من وادي العدين، جئت أبحث عن ماء فحايطي ظمئان ،وقد قصدت الأبار فعدت بالحرمان فقالوا ادخل بيننا الآن وكانت الديمة مليئة بأولئك الجمع ،وهم في منتجع ،تلك البقاع رافعين لحاء الألجاع،وقالوا :هلم بيننا هنا المتسع، فقلت سأمكث قليلًا عندهم وأجزع ،فجلست خلف تلك الديمة وأمامي علوب الرسع ،وبجانبي مكائن وقطع، وما أن أسندت ظهري وألقيت نظري، وهم يحللون المستجدات ،وينزفون الجدادات ،لأنهم في نشوة التخزين وعليهم سيماء الخروم ، وفي قمة الطعوم، متكئين على المداكي، يتجاذبون بشيش المحاكي، ويذمون المهنة الزراعية، ويندبون الرعوأة والرعية ،فأصغيت إليهم أذآن الصوان صاغية ،فقال :أحد الرعية وفي صوته إزعاج سئمتُ المقواته والحراج، والحراسة والإسراج، والرعوأة وكثرة الإحراج ،وغرستي قليلة الخراج، أقول لكم: ماشي معنا خراج !وبينما يشكو ما أنابه، ويبث ما ألم به، تكلم محوطي من جانبه ،وأشاد بجنابه، وصاح بشحططة، وقال :قتلتنا الحوائط والمحوطة، يدي مفخططة، وقدمي مبشرطة، وساعدي محشطة، وما جنيت قطفة، ولم أتفنن في تقشيط المقشطة، بل رعوأتي ممحوقة ومقوتتي مسققة،منذ أن بقشت البقشة، ولم أحظ بقطشه ،حظي دبور ،وغرستي بكور، ولكنها ما سبره !وكلما قطفت صادفتني البورة،ودائما ألقط والسوق بوار،ورزقي لأصحاب الآبار .فقال شخص مشدود: نعم ماشي معنا مردود، انهكتنا الأزمات، وغابت عنا المخزونات النفطية،وداهمتنا الشدة القحطية، واحتكرتنا السوق السوداء،فأصبحت مهنتنا كسداء، وكل منهم أظهر من جانبه الاستياء، وتبادلوا الكلام باستثناء، شيخ ذو كشيده، محولق على تلك الشيله، مهاب بقلنسوته،ومختلف بكسوته، القديمة وكان ماكثا في زوة الديمة،وملامحه أثيمة، وله لحية كثة، وفوطته رثة ،وخلقته دمثة، وكنت منتظرا لبثه، ومرتقبا لحكيه وحثه، فأطرق الحاضرين إلى جهته، وانصتوا لوجاهته،فتكلم بالسان لهجته،ورفع جبهته، وقال: يا معشر المحاويط، بادروا بالتحشيط، أليس فيكم رجلا نشيط؟ أركم تعذرتم، وما ترعوأتم، فهل عسيتم أن ترعويتم؟ وهل كفيتم بعدما سعيتم ؟وإني لكم لمن المنذرين، وعليكم من المحذرين، فلا تكونوا من المتعذرين، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وكم قد قطفت وقاطعت،فأسمعوا نصيحتي ووعوها، ولا تدعوها على أن تجنوا نفعها ولا أكلفكم إلا وسعها ،ثم إني سأنفي ما رآبكم، وأستشل الكسل الذي نابكم، وأستسهل الصعب الذي هابكم، بأن تركتم الرعوأه، وتعودتم المصوعة، وأهملتم الحائط والمحوطة ،وألهتكم المشططة، وتماديتم بالأنتكه، وأضاعتكم الفسبكه، وأشغلتكم الوتسسه، عن الغرسة،اسكتوا من التعساف،واصمتوا من التئفآف ،أما وعيتم أن الرعوأه، تحتاج إلى اهتمام، والمحوطة لابد لها من إلمام، فاتركوا الانهزام، وعليكم بالالتزام، وتعهدوا الغرسة بالسقاي والسمام،وطوفوها على الدوام، وزربوها من الأغنام، وباشروها بالحجنة والرياش، والتشجير والحشاش، والتسميد والتجنيد، والتسبيب والتزريب والترعيب، والشراحة والحراسة، والتغليس على الغريس، وتعهدوها من البقيش إلى الحشيج، بالوقاع والنجير وأشفطوا لها من ماء الفجير، وارفعوا العبيلة، واخرجوا الزيلة، واحذروا التخليب في الجبل، بل أخرجوا الوبل وأعفلوا العفل، وأرووا العبر، ووقعوا السواقي، وعبروا مساقي الحايط، وعليكم بالشريت والنشيت والسفيط ،واجتنبوا الطريش في الريش، بل سببوا السباب، وسقوا جباب، وأملؤوا الدباب، واطمروا السلوب، واغمروا السيوب واطملوا الغرسة ،بالشروب والطواس، ولا تدعوها يعتريها اليباس، وعليكم بالمبيدات، لهذه الحشرات ،الطاير والجدمي والقحطي ،واحملوا البمات لهذه الملمات، الكنمة والنمئة والغفان والرغاث والعسال، وإذا حصل القات وحان اللقاط والرباط، بكروا بالصبوح وسرحوا الورق، وأبدؤا بأول سلق، وجففوا الندى، ولبوا الندى ،عند التوليف اجتنبوا التنقيف، والجمام والقلصام، واخذروا الخلاب وقت الآلب، وأنظفوا البرآوح ودفؤا الربط بالمراقح، ووفوا الوزح والشغثات، وانزفوا الهبشات، وارصوفوا الرواصف، ووقعوا المقاطف، وابقسوا النواخف، وخمروا المعاصب، ولقطوا الشواجب، ورصوا الحبوب، باركوا بالقات، وسبقوا التسبيقات ،راجلوا بسوق الحراج، عند المحرج،بيعوا نقدًا مش دين، وانتبهوا للربط ليظمرين واعطوا العدادين وشقوا الملقطين وحاسبوا المربطين، وحذروا المقاطعين من القلصام وأعدوا مقاطع الأتلام،واخرجوا تلام القسام، وأبذلوا كل مجهود فإن لم تستطيعوا فتعونوا أهل زبيد، فالمحوطة هي مغامرات، وتحتاج غرامات، لتفك البزغات ،وأن كان السقاي فيه إعسار ،والماء مرتفع الأسعار، ولكن الحظاء يجلب الإسار ،وأن داهمتكم قطوب الخطوب، وحروب الكروب، وأزمات الشعوب، فلا تتغنوا بالهروب، بل واصلوا الدروب، وأغرسوا الصلوب، ولا تنسابوا عن السيوب، ولا تنسوا حصاد الحبوب، وأن كنتم في أزمات وأفات ،فلا تلقوا لها الإلتفافات.أما والله أني أجني القطفات، بالدورالات وأحفر بالحفارات، ولا أبالي بالعثرات، وأشتري المكائن من الخزائن، وهآنذا مرموق الرخاء، أسحب مطارف الثراء ،وأعرف البيع والشراء ،وأغتنم الحظاء بالشتاء ،فأحمد الله أني في أحسن حال ،أجني من الأحوال، الأموال وأقاطع الغروس بالفلوس، وأبيع العود بألغ النقود، وأملئ الجيوب من الحبوب، وأشتري المراكب من سعر الشواجب ،وأحصد الملايين ،من بيع السمين، وأصرف النفقات من مردود القات، تمرست في إخراج القطفات، وصرف الدولارات، بعد أن أتقنت الرعوأت،وأعتنيت بغرستي من المهد، وصبرت على النكد وحرستها في غب البرد وأسمدتها بالكد ،الى أن لحت غرستي في  النهد فتراها مورقة القد، أسيلة الخد، وتربتها سود، فأخرج منها السمين الحسين، مجسر العوادين، كأنه سبيكة من لجين وأبيعه بسعر ثمين، ولست عن مزرعتي أميل، بل أدخر لها البراميل ،وإذا كانت الغرسة بكور ،فالحياط سبور فالقات الحسين لا يبور ،إنما الذي يبور المهتور فلما أنئ إنكفاؤهم، وأسكت أفواههم . قال المحوطي باعباد فعجبت لما أبدى من براعة ونطق باللفاظ  الزراعة ،ولم يزل هذا الشيخ يفصل ويأصل، ويشرح ويطرح ،وزين بكلامه الرزين، وينزو ويلين ،ويستأسد ويستكين، وينصح بدهائه المكين، عندها باشره المخزنين، بالجدادة بعد ما غمرهم بالإفادة، وزادوا في مواساته ورغبوا بزيادة قبساته، واستحسنوا جزالته، فتجلى في ركن الديمة عن بسالته، وتضح لهم صدق لهجته واستنارة حجته فقال أحدهم له :أن كلامك أجرى من السيل، فأحب الازدياد من هذا الكيل ،وأقسم بمن أنبت الأيك، أن المهنة منك وإليك، فأفدنا مما فتح الله عليك ،فقال: له ذكالشيخ سل ما بدأ لك وقل: ما خطر في بالك ؟


فقال له: أن كلامك يزن المثقالين ،ولا يقوله إلا أديب الثقلين ،فهلا شرحت لنا أخبار الفلاحين! في هذا الحين ،فقال: الشيخ والذي أنزل المطر من الغمام ،وأخرج الثمر من الأكمام ،وأبزغ القات في الأتلام ،لقد فسد الفلاحين وقل الصالحين، وتكاسل المزارعين، عن التليم والبتيل وما هم إلا قليل !الذين يعنتنوا بالأرض ويحرثونها ويغرسونها ويزرعونها ،فأولئك هم الفلاحين، اتخذوا الوديان مرآبعهم ولم يستكينوا في بقاعهم، بل ذرأوا مزارعهم، واغتنموا المواسم، وحصدوا المتالم والغلة ،وما هم إلا قله !لماذا لا نتأسئ بهم ونحتذي حذوهم ونقفوا آثرهم ،لأننا جهلنا فنون الزراعة، وأبدعنا في المولعة، وهذا جزاء المخزنين ،الذين فضلوا الحبوب على الحبوب، وقدموا الأشكال على الأغلال ،وأستحبوا الغريس على الفحيس ،واستبدلوا القطيف بالقطيف وهجروا النسيف بالنقيف، وأحلوا الحشيج مكان اللبيج وكالوا الألجاع على القصاع، وقدموا البقيش على الجهيش، وملأوا البراميل، على أدخار البراميل ،وتذوقوا  الأغصان الورقية بدلا من القلية، وحزنوا بالعيدان الرفيعة ،بدلا من الذرة الرفيعة، واهتابوا القحطي ونبذوا الحمطي ،وقرطوا القلصومي وما قمموا الصومي وأستحسنوا السمين مكان الصين، وفضلوا قات المخزن من دخن المخزن ،وقدموا أشكال القطيل ،على سبول المحاصيل، فأجدادنا كانوا غير ،وأجسادهم كانت بخير لأنهم زرعوا أرضهم وأكلوا من الخير، وما استبلوا الأدنى بالذي هو خير  ..فلهم أعمالهم ولكم أعمالكم ،ولكن يا معشر الرعية يكفي ما جهلتم من المهن الزراعية فلا تفرطوا بالرعواءة بل اهتموا بحوايطكم لأنها مصدر دخلكم ومن الناس من يعتبرها الدخل الوحيد الذي عنه لا يحيد لأن من حصاد قاته يسد فاقاته وبسعر مراقحه يؤول أولاده وأحقاحه فإني محثكم على بذل النشاط وأجتناب الفراط في اللقاط فباركوا في الرباط ووجهوا الربط وبعد أن تجلى في ميدان الإفادة وأقنع بالإجادة أوجلوا إليه في الإستشارة ولجؤوا له زناد الاستخارة وضلوا مدة مقامهم يعشون إلى شواظه وينهلون من وعظه ويحشون صدفهم من درر ألفاطه فأتخذوه أماما للمحاوطه وبينما هم منتجعين برز شخص ذو لجعين وقال: يا شيخنا المفضال لقد أرشدت الضال واستأصلت الداء العظال وندبت منا الكسل والعطال فأبدعت إذ ترعويت وجزيت حيث سعيت ونصحت وما ألوت وأستقمت وما لهوت فأني أحب أن أستزيد منك وأستلهم من مكنونك طالما وقد أوضحت لنا عن محوطة القات ومقوماته وأوجزت عن أزماته فيا حبذا أن تصف لنا أنواع القات وتسمياته وما هي أبرز سماته وكيف نميز تقسيماته ونعرف علاماته فأستعلى الشيخ بهامته وهو من ليل حماته ومن صناديد خرماته ومن سلاطين فخامته وولي رعوأته فقال: شيخ دعوته أنواع القات تعرفنها ولا تحتاج الى تعليقات سأذكرها من سبيل التحقيقات القطل ذو الأغصان  والسمين ذو العيدان والجمام ذو المقصل والدويل المطول والشواجب بنات المقاطف والعوارض أتباع الرواصف والفرافر مخلفات الملقطات من القطيلات والشويجبات أما أسماء تشكيلات القات فتلطق على هذه الملحقات الشكل المثنى والمثلث الوزحة والرزمة والشغثة والهبشة والربطة والحبة وملحقات قطع القات البقسة النقفة والقطفه فوالذي ميز القات باليخضور وجعل منه الناشف المطيور لأزح عنكم المعميات ولأبين لكم هذه المسميات وهي صفات تطلق على القات وهي الحصم والمختم والمصمم والمصرع والمولع والمجسر والمكسر والمرطوش والمبقوش والمجرأز والممزوز والمصفر والمخظر والضامر والمورق والمسحوق والمدقوق والحرق والمعفلق والكتت والمفتفت والمغفوت والمحرض والمحمض والبازغ والحازغ والممسي والطري واليابس والمؤلس والمبروح والمعفوش والمنظوم والمنفوش والمنقوف والمنزوف والمربوط والملقوط والمقحوط والمنمؤ والموء والجاهل والعاطل أما مسميات مضغ القات وتخص المذاقات الفذاحة والخزانة والجدادة والفعدادة والخروم والطعوم والخشيط والقريط واللحيف والجاعة والمولعة .ولما انتهى الشيخ  من تعاطي كأس المنافثة قام أحدهم لإنتجاع الخلاثه، فأبتدرت لستلام يديه وقلت له :أستحلفك بالذي أخرج السمين بعد القطل لتخبرني من هذا الشيخ الفاضل فقال :هذا أبو زيد الرعوي وشيخنا المولعي فقيه المهنة الزراعية وكبير الرعية ومرشد المولعية أبو المقاوته وعميد المحاوطه قال المحوطي باعباد فدعاني الفضول وصهوت الحيول أن أقدم للدخول الى الديمة لألقي التسليمة على هذا الشيخ ذو القيمة والمعرفة الجسيمة ثم توجهت تلقاءه وأبتدرت لقاءه ومددت يدي لمصافحته وقد أذهلني بفصاحته فلما لحظني خف في القيام وأحفى بالإكرام وأوسع لي بين القوم فأخذت أتوسمه جدا وأقلب الطرف فيه مجدا إلى أن وضح لي بصدق العلامات أنه السفير صاحب المقامات فأحببت أن أعرف طينة تربته ومعقل قريته وربيع دوحته وفروع لوحته وعرصات ساحته فسألت سماحته عن بلدته فأستجمت قريحته فأنشد حين ولى وقال مرتجلى :


مسقط الرأس خوبر وبها كنت أزهر 


قريتي يوجد فيها كل شيء أغر


 وردها من سلسيبل وواديها مزعفر 


حبذا نفح شذاها ورباها المعطر


 من رآها قال جنة الدينا هي خوبر 


ما مثل ما لقيت فيها مما هو أندر 


مرتعي فيها من العدين الى غول زغبر...


فلما بين لي بلدته ووعيت ما أنشده عرفت أنه أنا وينتمي الى آلي وما قاله هو مقالي ولسان حالي فشددت رحالي الى البيت وأنصرفت من حيث أتيت وقضيت العجب مما رأيت  ...




 
Top