رولا محمد
جلسة سمر
ذاتَ مساء وفي وقتِ السَحَرْ
جلستُ على شُرفتي
بعيداً عن الضوضاءْ
فلاحَ أمامي وجهُ القمرْ
مُشرقاً يَتلألأُ بكلِّ بهاءْ
قال :
أراكِ وحيدةً ما رأيكِ بجلسةِ سمرْ ؟
قلتُ :
أنا أصبحتُ صديقةُ الوحدة
في وطني بينَ أحبتي أشعرُ بالغُربةْ
وما اعتدتُ يوماً جلساتَ السَمرْ
قال :
ما رأيكِ أن أكونَ خَليلكِ ؟
تُسرِّينَ لي ما في قلبكِ
هُنا الدمعُ على وَجنتي انهمرْ
وتساقطَ الكبرياءْ
قلتُ :
أنا ليسَ لي إلا الحزنُ نديماً
نشربُ نخبَ الحياةِ سويّاً
ونعاقرُ كوؤسَ الخمرْ
كُلَّ مساءْ
لعلنا ننسى ظلم الدُنيا وليالي الأسى
على مدى العُمرْ
منذُ كنتُ فتيَّةً بدأتِ الدُنيا تَصفعُني
وكأني ارتكبتُ مَعصية
وجريمةٌ لا تُغتفرْ
وَضعتني في زنزانةٍ مُنفرِدَة
واتهمتني أني مُتمَرِدة
كبَّلت بدايَّ بالأغلالْ
قطعتْ حبل َ الآمالْ
أشعلت تحتَ قدمايَّ
الجمرْ
وأعلنت عليَّ حرباً شَعواءْ
استخدمت كُلَّ أسلِحتها
وحِممَاً فوقَ جسدي سكبتها
وأراقتِ الدِماءْ
فأمستِ الحياةُ لي مُستَعمِرَة
وكُلُّ جوارحي مُدَمَّرةْ
رفَعت بوجهي رايةُ النَصرْ
وأعلَنتِ العِداءْ
فَبتُّ مَهزومةً خائِرَةُ القِوى
لا أعرفُ سَبيلاً للسعادَةِ
ولا طريقاً للهوى
كصخرَةٍ صَمّاءْ
أقمتُ في قلبي مجلسَ عَزاءْ
ارتدَت شَرايني ثوبَ الحِدادْ
اتشَحَ الكونُ امامَ ناظريَّ بالسوادْ
فآثرتُ الوحدةَ والبِعادْ
ورضختُ لأوامرَ القَدَرْ
كطفلةٍ رَعناء
قال القمر :
أصبحتُ في يأس
بعدَ أن سمعتُ هذا الهَمسْ
وبِتُّ انتظرُ شروقَ الشمسْ
لأهربَ بعيداً فقد أصابني القهر
وألمي عليكِ سرَقَ مني الضياء
فأحزانَكِ تفوقُ أحزانَ كَربلاءْ
أنهيتُ اعترافي وعُدّتُ وحيدةً
أُعاقِرُ كأسيَ الصافي
أنا وحُزنيَ الجاثي فوقَ أكتافي
واختُتِمَتْ جَلسةُ السَمَرْ
بهروبِ القَمَر غائِراً
في جَوفِ السَماءْ