زرياب*
(النّغمُ الهارب)
إلى الصديق الدكتور كريم ديوان/ الفنون الجميلة .
أوتارُ عودٍ بأصابعِ ابنةِ الكَرْمٍ
تُصَبُّ في جماجمَ
تقتنصُ من حياتِها ما كانَ سراباً في عيونِ التّعساء . . .
زمنَ الألف
الشّرقُ بألوانِ سحرِه
ليسَ لعينٍ أنْ ترى غيرَها بهذا
ألبسَها كُلَّ ما تهواهُ أنثى بزفاف . . .
بغدادُ
ما فوقَ حروفِ الشّعراء
ما أبدعتْ في رسمهِ ريشةُ فنّانٍ في عشائهِ الأخير . . .
لأشرعةِ السّندُبادِ
أنْ تأتيَ بفرائدِ ما تباهى بهِ جيدُ امرأة . . .
أتنكرُ وجهاً
تمشقُهُ سمرةُ أرضٍ
لم تبُحْ بأسرارِ جذورِها لديمةٍ حانيةٍ في نيسان ؟
تشقّقتْ عشقاً لندامى
ضاجَعوا قصائدَهم على فراشِ قفا نبكِ . . .
عاقروها صفراءَ في كؤوسِ ابنِ هانئ . . .
ليسَ لبحورِ الخليلِ كُلِّها أنْ تطرزَ ثوبَها غزَلاً !
. . . . .
عَزْفٌ
يَشقُّ صمتَ ليالٍ
ألقتْ شفوفَها
أنغاماً
تتَدلّى عناقيدَ ضوءٍ على صدرِ رصافتِها . . .
ما لبغدادَ وقلوبٍ ما هفتْ إلآ لها ؟
أكذا يُفتّتُ وصلٌ في خفقةِ طيْش ؟
للألمِ حديثٌ لا يَنقطِع . . .
. . . . .
دمعةٌ حبيسةٌ في لحظةِ انكسار
أسرابُ أحلامٍ
تطرقُ نوافذَ مُغلقة
موعداً لأنسٍ
ترضعُهُ الشّمسُ لينام . . .
يُشيّعُ لحنَها الأخيرَ زمناً
يُنكرُ مكانَه . . .
تفكّهَ بحفنةٍ من حَشَف
لا بسلالٍ
تُذهِّبُها أثداءُ رطبٍ بيدِ صيفٍ فاجر !
كيفَ لدجلةَ أنْ تُودّعَ مُتيّماً ؟
استودَعَها نصفَه
صحِبَ الآخرَ لدربهِ رفيقاً أعمى . . .
أيُّ النّصفينِ يُنصِفُ صاحبَه ؟
يالتعاسةِ عشقٍ حينَ يَنشطر . . .
الغربةُ مساحةٌ من وَجع !
. . . . .
بغدادُ
عِشقٌ لنْ تشفيهِ من كتابٍ رُقْية . . .
ما تناهى بينَهُ وبينَها إلآ روحٌ
تعزفُها حرقةُ وَجْد . . .
أنْ تسيلَ الموسيقى دموعاً
لا صِدْقَ
يذرفُهُ جَفنٌ بعد . . .
تحملُ صرعاها على حافةِ موّالٍ ثَملٍ
لتعودَ
تملأُ ظَمأَ ليلٍ صديقٍ لعطّارِ الدّهر . . .
. . . . .
في كرخِكِ رئةٌ
تنفّستْكِ صبابةً في قلبِ رابعة . . .
لو عَلِمهُ ابنُ الأحنفِ
لَما حدّثَ فوزاً عن نبضاتِ قلبِه . . .
ما تفوّهَ سجينُ قُرطبة شعراً في ذاتِ دَلّ . . .
قبّلَ ابنُ الملوّحِ جداراً واحداً
ولهُ أنْ يُقبّلَ ألفَ جدار . . .
ليستْ ذهبيّةً كُنتِ مع قطعةِ فحمٍ تستَعر . . .
ما أنتِ أنتِ
يومَ تسلّلتِ الظّنونُ لبياضِ الصّبح !
. . . . .
خرجتُ منكِ قبراً
يبحثُ عن أرض
أوديبَ أضاعَ يومَ ولادتِه . . .
أصابعي
ليستْ هي حينَ تعزفُ لسواك . . .
الموجةُ
لا تعودُ هي
حينَ تُبعثرُها على الشّاطئ يَدُ البحر . . .
تذكّري يوماً
أنَّ داكناً عزفَكِ لحناً مُضيئاً على أوتارِ قلبِهِ
قبلَ أنْ يغصَّ العودُ بصوتِه . . .
الرّحيلُ
شئٌ من الإنتحار !!
. . . . .
عبد الجبار الفياض
تموز/ 2018
* علي بن نافع (زرياب)
زرياب (789 - 857) (173 - 243 هـ)[1]. هو أبو الحسن علي بن نافع الموصلي[2]، موسيقي ومطرب عذب الصوت من بلاد الرافدين من العصر العباسي (عاصر الخليفة العباسي هارون الرَّشيد). كانت له إسهامات كبيرة و عديدة وبارزة في الموسيقى العربية والشرقية. لُقِّب بـزرياب لعذوبة صوته ولون بشرته القاتم الداكن ، وهو اسم طائر أسود اللون عذب الصوت يعرف [بالشحرور].عبقري الموسيقى متعدد المواهب "زرياب" ، ومبتكر فن الذوق العام والذى يسمى اليوم بـ “الإتيكيت”، والذى مثل حلقة وصل هامة في نقل مظاهر الحضارة الاسلامية والشرقية إلى الاندلس ومنها إلى أوروبا والعالم أجمع , رجل ظلمه التاريخ الإسلامي ليهتم به التاريخ الغربي أكثر ويستفيد من تجربته وآثاره وما قدّمه للعالم أجمع .( منقول) .
(النّغمُ الهارب)
إلى الصديق الدكتور كريم ديوان/ الفنون الجميلة .
أوتارُ عودٍ بأصابعِ ابنةِ الكَرْمٍ
تُصَبُّ في جماجمَ
تقتنصُ من حياتِها ما كانَ سراباً في عيونِ التّعساء . . .
زمنَ الألف
الشّرقُ بألوانِ سحرِه
ليسَ لعينٍ أنْ ترى غيرَها بهذا
ألبسَها كُلَّ ما تهواهُ أنثى بزفاف . . .
بغدادُ
ما فوقَ حروفِ الشّعراء
ما أبدعتْ في رسمهِ ريشةُ فنّانٍ في عشائهِ الأخير . . .
لأشرعةِ السّندُبادِ
أنْ تأتيَ بفرائدِ ما تباهى بهِ جيدُ امرأة . . .
أتنكرُ وجهاً
تمشقُهُ سمرةُ أرضٍ
لم تبُحْ بأسرارِ جذورِها لديمةٍ حانيةٍ في نيسان ؟
تشقّقتْ عشقاً لندامى
ضاجَعوا قصائدَهم على فراشِ قفا نبكِ . . .
عاقروها صفراءَ في كؤوسِ ابنِ هانئ . . .
ليسَ لبحورِ الخليلِ كُلِّها أنْ تطرزَ ثوبَها غزَلاً !
. . . . .
عَزْفٌ
يَشقُّ صمتَ ليالٍ
ألقتْ شفوفَها
أنغاماً
تتَدلّى عناقيدَ ضوءٍ على صدرِ رصافتِها . . .
ما لبغدادَ وقلوبٍ ما هفتْ إلآ لها ؟
أكذا يُفتّتُ وصلٌ في خفقةِ طيْش ؟
للألمِ حديثٌ لا يَنقطِع . . .
. . . . .
دمعةٌ حبيسةٌ في لحظةِ انكسار
أسرابُ أحلامٍ
تطرقُ نوافذَ مُغلقة
موعداً لأنسٍ
ترضعُهُ الشّمسُ لينام . . .
يُشيّعُ لحنَها الأخيرَ زمناً
يُنكرُ مكانَه . . .
تفكّهَ بحفنةٍ من حَشَف
لا بسلالٍ
تُذهِّبُها أثداءُ رطبٍ بيدِ صيفٍ فاجر !
كيفَ لدجلةَ أنْ تُودّعَ مُتيّماً ؟
استودَعَها نصفَه
صحِبَ الآخرَ لدربهِ رفيقاً أعمى . . .
أيُّ النّصفينِ يُنصِفُ صاحبَه ؟
يالتعاسةِ عشقٍ حينَ يَنشطر . . .
الغربةُ مساحةٌ من وَجع !
. . . . .
بغدادُ
عِشقٌ لنْ تشفيهِ من كتابٍ رُقْية . . .
ما تناهى بينَهُ وبينَها إلآ روحٌ
تعزفُها حرقةُ وَجْد . . .
أنْ تسيلَ الموسيقى دموعاً
لا صِدْقَ
يذرفُهُ جَفنٌ بعد . . .
تحملُ صرعاها على حافةِ موّالٍ ثَملٍ
لتعودَ
تملأُ ظَمأَ ليلٍ صديقٍ لعطّارِ الدّهر . . .
. . . . .
في كرخِكِ رئةٌ
تنفّستْكِ صبابةً في قلبِ رابعة . . .
لو عَلِمهُ ابنُ الأحنفِ
لَما حدّثَ فوزاً عن نبضاتِ قلبِه . . .
ما تفوّهَ سجينُ قُرطبة شعراً في ذاتِ دَلّ . . .
قبّلَ ابنُ الملوّحِ جداراً واحداً
ولهُ أنْ يُقبّلَ ألفَ جدار . . .
ليستْ ذهبيّةً كُنتِ مع قطعةِ فحمٍ تستَعر . . .
ما أنتِ أنتِ
يومَ تسلّلتِ الظّنونُ لبياضِ الصّبح !
. . . . .
خرجتُ منكِ قبراً
يبحثُ عن أرض
أوديبَ أضاعَ يومَ ولادتِه . . .
أصابعي
ليستْ هي حينَ تعزفُ لسواك . . .
الموجةُ
لا تعودُ هي
حينَ تُبعثرُها على الشّاطئ يَدُ البحر . . .
تذكّري يوماً
أنَّ داكناً عزفَكِ لحناً مُضيئاً على أوتارِ قلبِهِ
قبلَ أنْ يغصَّ العودُ بصوتِه . . .
الرّحيلُ
شئٌ من الإنتحار !!
. . . . .
عبد الجبار الفياض
تموز/ 2018
* علي بن نافع (زرياب)
زرياب (789 - 857) (173 - 243 هـ)[1]. هو أبو الحسن علي بن نافع الموصلي[2]، موسيقي ومطرب عذب الصوت من بلاد الرافدين من العصر العباسي (عاصر الخليفة العباسي هارون الرَّشيد). كانت له إسهامات كبيرة و عديدة وبارزة في الموسيقى العربية والشرقية. لُقِّب بـزرياب لعذوبة صوته ولون بشرته القاتم الداكن ، وهو اسم طائر أسود اللون عذب الصوت يعرف [بالشحرور].عبقري الموسيقى متعدد المواهب "زرياب" ، ومبتكر فن الذوق العام والذى يسمى اليوم بـ “الإتيكيت”، والذى مثل حلقة وصل هامة في نقل مظاهر الحضارة الاسلامية والشرقية إلى الاندلس ومنها إلى أوروبا والعالم أجمع , رجل ظلمه التاريخ الإسلامي ليهتم به التاريخ الغربي أكثر ويستفيد من تجربته وآثاره وما قدّمه للعالم أجمع .( منقول) .