((خالةُ الحُسن))
عباءتها أطلس الديباج هي
بوجهٍ زاح ديجور المغيبِ
عليها رياحين فاض عبيرها
وياسمين أبيض يزين الحبيب
رأيتُ بوجهها خالةُ الحُسن
وعلى الخصر زنارٍ رهيبِ
وشالاً على المحيّا مكسوفٌ
من ذا يحجبُ بدر الصليب
فقلت بخاطري الله أكبر
ياوردةً زينت الكون الرحيبِ
سألت العرب والعجم عنها
فأنبأوني بما يسرُّ القلوبِ
فقلت لعازلي دعني وشأني
غناني الله بهيفاء الطيوب
فهي قدري منذ كنت طفلاً
ألا في حجرها أمن القلوب
ولافي غيرُها أبدي اشتياقي
لئلا يغار منها البدر القريب
إنَّ المحيّا المفتون نوراً
بقانون المحراب والصليب
هي الصهباء طفلة المهد
بعين الرائي تجلي القلوب
ثغرها المصفى من الشهد
أدمى الفؤاد والعقل عطيبي
لستُ بقائلٍ غرامٌ منيعٌ
عن الأحبة فذا قولٌ مريبِ
فذات القَدِّ الممشوق هيفاءٌ
وإن ظهرت بين فيافي الشعوب
إنَّ الغزالة معروفٌ هويتها
من حور العين بنتُ الحسيب
دخلت حديقة الأزهار ليلاً
وكنتُ مواعداً فيها حبيبي
جلستُ هنيهةً ماطال وقتي
وكان الوعد من بعد الغروب
فجلتُ بناظري شرقاً وغرباً
ومن جهة الشمال والجنوب
رأيتُ مشاعل التيجور تضوي
وقد بُدِرَت كإبدارِ الحُبوب
هاهي متوجةٌ بتاجٍ هندي
وثوبٌ من خرسان عحيب
طالعها لاجنٌ ولاأنسٌ بدا
أتكون هي صهباء الدروب؟
فجاءت وردتي البيضاء تزهو
زهُوَّ البدر مالكةُ القلوب
بزينتها على هودجٍ رخيمٍ
بدلالٍ وغنجٍ بادٍ مهيبِ
ماهذا الحُسن يافاتنة الصبح
أزليخة أمك أم أنت أم الحبيب !
فتبسمت وأشارت ببنانها
نحو الشروق إلى الفخر الحسيب
عندها رفعت رأسي متضرعاً
سبحان الخالق إنها البدر المجيب
إلى محياها وجهت وجهي
بقلبٍ لاتخالجُهُ الرُّيوب