قراءة في كتاب ( قراءات في السِّيَـر الذاتيــَّة ) لمؤلفه :
أستاذ أحمد سعدون البزوني ...
بقلم : ناظم عبدالوهاب المناصير
ليس كلُّ من لم يحصل على هويـة الأدباء ، لم يكن أديبـاً أو من غير الممكن
للأديب أنْ يكتبَ ويعبـر عما تجول به خواطرُهُ في نفسه ووجدانه ... كثير من
الأدباء لم يحصلوا على هذه القطعة الصغيرة من الورق اليابس أو العظم والتي
تُسمى ( هويـة ) ، لكنهم أرتفعوا ، برزوا ، نالوا حبّ وتقدير أقوامهم بما سطروا ونهجوا وحكموا وقرأوا وكتبوا لنـا كتباً ذات قيمة عالية ومدلولات وأفكار ومآثر
خالـدة ، استقامت وحطَّتْ فوق عروش الأدب الحقيقي على يـد الدهور والأزمان
، فتغدو الحياة قاعدة تُشغَف بالعطاء والإبداع والرقي ..
الكاتب أحمد البزوني ، حرصَ على أنْ يجمع بين الأدب والفكر وبين الحكمة والفلسفة وبين الحدس والتأمل ، صدر كتابه منذ شهرين ( قراءات في السّيَر
الذاتية عن شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة ) في البصرة / العراق ..
الشاعر الكبير مزهر حسن الكعبي أضاء لنا ( إضاءة لابـد منهــا ) ، فكانت أكثر من رائعـة وغنيــة ثرة في التعريف بالكتاب ، لقد غمرنا أستاذ مزهر بأحرفه
القيمـة والشاملة ، لتسكب علينا من جمالهـا ما لم ندركه بأكثر دقة إلاّ بعد التمعن
في إعادة القراءة لعددٍ من المرات ..
في تأملي بما جاء به الكتاب من رأي في البدايات الأولى للنقد الأدبي ، كانت تتمركز في النقد الإنطباعي الأسلوبي عن طريق دراسة استعمال اللغة وجماليات
صياغتها في نصوص مكتوبة ، فيجب على كاتب النص إيصال رسالة معينة إلى المتلقي ، وقد أعتمد في هذا المشروع قراءة الأفكار وتحليلهــا بعيداً عن النص وكاتبه ، أما طرح أو استذكار نصوص الكاتب ما هي إلاّ شواهد تأكيدية ..
أختار البزوني في كتابة ِ السّير الذاتيـة ثلاثة عشر كاتبــاً وكاتبة من خيرة أبناء مصر والعراق ..
اختارني ضمن هؤلاء كأرث ٍ خصيبي تحت سعفات نخيل قريتي النائيــة البعيدة
، إذ كنتُ ألعبُ ، أرسمُ ، أقرأُ ، أكتبُ ، وأصدر النشرات الجدارية ، وأعلق اللوحات الفنيـة في مداخل المدارس التي تعاقبتُ في الدراسة فيها ، وأصدرتُ عدة
كتب بلغت سبعة عشر كتاباً في الرواية والنقد والتاريخ والمجتمع والشعر ، وهناك
كتب تنتظر الطبع ..
يترجمُ البزوني نصوصه لأدباء لهم مكانتهم عن واقع محسوس ، ملموس ، مدروس فكرياً وثقافياً ، بل هذه النصوص أشبه بملحمة نعدها للتعبير عن واقع حي وحقيقة ، وفي تَيَقِضٍ تأصلَ بالحياة العربية الزاخرة بالعطاء لنطرق أبواب عالم يُمهـدُ لبلوغ أسمى الأهداف السامية والغايات النبيلة ولنطوف مع سيَّر كان لها نصيب ٌ في الكتابة بأسلوبٍ ذي روحية مفعمـة بالنور الأبدي يتخطى بنـا نحو آفاق واسعة جلية تتعدى الحدود العراقية ، فأعتبر َ الدنيا منطقاً وفنـاً والإنسان عقلاً
وشعوراً والحياة رأياً وعاطفة والفكر ثورة ومستقبل .. كلنـا نسير فيها ونتمسك بها ، لكننا يجب أنْ نتأمل ونفكر وننتظر ، ونتساءل بيقين : ما نهاية هذه الحياة ؟!
لستُ أدرك غير ذلك علنا بغير غموض ، أنه عبورٌ نحو ضفة أخرى إلى اللامنتهى
نبضات قلبي أوزنها بالحسن ، لعلها تصبر قليلاً ، لكنها تتسارع وتزداد ضرباتها
..في أيام قليلة أكملتُ قراءة الكتاب لعدد من المرات خلال تدقيقي له ، وبالأحرى كان يتملكني شعور طاغٍ غريب بأن نتحرك من مكاننا تلبية لبعض أحاسيسنا التي
تجتاحنا بين حين وآخر ، تُذاب ُ فيها حواشي وسلوكيات الإنسان الساخرة في المدى
القريب والساحرة في المدى البعيد ..
أذن علينا أنْ ندخل إلى صومعة الكاتب لنرى عالماً في الكتابة جدلية مبهرة
والنقد تحت مناخ النص ..
ومني أجمل تحية ..
ناظم عبدالوهاب المناصير
القاهرة 26 / 6 / 2021
ملاحظة : أُلقيت هذه المقالة في هيئة خريجي الجامعات /ملتقى السرد العربي
في مدينة القاهرة /مصر في 26 / حزيران / 2021 ..مناقشة وحفل توقيع كتاب
النقد السيروي ـــ قراءات في السّير الذاتية ، للكاتب أحمد سعدون البزوني ..
