(بطولة المفحط بن زفران سائق عربة الطقم)
أدب عبدالمجيد محمد باعباد..
رقم البطولة (16)
في شهر حزيران حكى لنا المفحط بن زفران عن ما خلف وراءهُ من أحزان وما ترك مشيه من خسائر فاذحة وكسور وجروح ومعظم المصائب والخسران لأنه هو محطم أرصفة العمدان وصادم أبنية الجدران ومسابق عربات الركبان وفاحط خطوط الحيطان وشاخط إسفلت الميدان ومسرع الإتيان ومفزع انتباه الإنسان ومزعزع سكينة السكان ومقلق حياة الحنحان وهو داهس جثث الإنسان ومصخب طريق السرحان ومهلع عبور الروحان فإنه بسرعة مشيه أثار القلق وفي تفحيط طقمه أفزع الخلق وفي قارعة الطرق داهس البشر ورمى بأخلاق المرور وخلف مشيه المتهور حطم الأعمدة وأفزع الأفئدة وقد دهس الكثير من الأطفال والرجال والنساء وبسرعة مشيه حقق هذا الاستياء ناهيك عن تلك النزوف والجروح والكسور دائمًا غير مألوف بمشيه المهفوف وطقمه معروف بسرعة الزفير في الخط العام وقد كنت ذات يوم أسير مع أبي زفير في الخط العام وإذا بثلاثة أطقم تعبر أمام الناس وهي تفحط وتمر بتهور وتدهس الكثير من الناس فلما رأى أبو زفير ذلك التهور أنشد من أدب المسير ونسج أبيات تدعو إلى الامتثال بأخلاق المرور ثم أنشد لكل سائق طقم من نغمه المتناغم بأصوات الأزيز وإيقاعه المتخلخله قارعة الطريق وقد دق إنشاده وسط ازدحام الناس وفي صخب السوق سمعته يقول :
أيا مَن تقود الطَقْمْ
أعندك الناس غَنْمْ
تأتي الرعب وسط الزحامّ
وتُخْطي الخطَ الصدامْ
أمَا بانَ لكَ القريبْ
أمَا أخافك الرقيبْ
أما أوقفك عمود القصيب
وأنت تمشي خطك العام
فهلا خففت طريق الزحام
فلا خَطْوكَ مر انتظام
أَمَا حادى بكَ الفوتْ
أما أسمعك الصّوتْ
أما تخشَى من الموت
فتَحْتاطَ
أخي سائق الطقمْ
تُعكرُ في الجْوْ الركام
وتجرؤ بالسهو الحطام
وتغبرُ ذا الصفوْ الصدام
وتختالُ بالزهوْ العوام
وكأنّك من الموتَ تسلم
فإنك ابن ختّام َتعاميكْ
تلاقي تهاوي تهاويك
وتوقف إمضاءُ تلافيكْ
طِباعاً جمْعتْ فيكْ
عُيوباً شمْلُها فانْضَمّ
إذا أخفضتَ خطوْاكْ
سير المرام
فلا تقْلَقُ خطوط الإنام
وإنْ أخفَقَ مسعاك
سوء الصدم
أخي سائق الطقم
لما إنْ لاحَ لكَ العّيشْ
فإنك بالازفار تدعيس
وإن مرّ بك النّاسْ
تغامَمْتَ ولا ذمّ
تُقاطع خطوط السيرّ
وتحتاصُ مسير الغير
وتفجعُ أرواحُ المسير
ومن كان ومن أَمّ
وتنسى ما كان بالأمس
وتحْتالُ طبعة الفَلْسْ
وتنسَى كياسةَ الحس
ولا تَذكُرُ كل ما ثَمّ
ولوْ لاحظَكَ الخظّ
لما طاحَ بكَ اللّحْظْ
ولا كُنتَ كما البعضّ
جَلا الأحزانَ تغْتَمّ
ستجني الهم لا الكم
إذا صادمت مصدمّ
تسيء سمعة القوم
ولا ينفعك خالٌ ولا عمّ
كأني بكَ تنحطّ
وفي الخطِ تفحطّ
وقد أسلمَك الحّظ
إلى أسفع مل َطمّ
هناك الطقمُ موجود
ليستأدبهُ سائقه المقود
إلى أن يرفعَ العمود
ويُمسي العظمُُ ملتمّ
ومن بعدُ فلا بُدّ
منَ الهونِ إذا اعتدّ
صِراطٌ جَسْرك مُدّ
على السير لمَنْ أمّ
وطريقٌ غيرك عدّ
فكم من مرفسٍ حلّ
إذا سابق سائق الطقم
فبادِرْ أيّها المُغترْ
لما يحلو به الُمرّ
فقد كادَ يهي الضُرْ
وما أقلعْتَ عن ذمّ
فلا تستهتر السير
وإنْ بان خطأ الغيرْ
فتُلْفى كل من مر
بحفاوة هدأ الطقم
وخفّضْ منْ تراقيكْ
فإنّ الموتَ لاقِيكْ
وسارٍ في تراقيكْ
وما ينكُلُ إنْ همّ
وجانِبْ صعَرَ الخدّ
إذا ساعدَكَ المدّ
فزُمّ اللحظ إنْ ندّ
فَما أسعَدَ مَنْ زمّ
ونفِّسْ عن أخيك الوقوفَ
وأعنّهَ إذا عاق العسوف
والزم خطك المعروف
بحفاوة هدأ الطقم
فقد أحسن مَنْ عمّ
وزوّدْ غيرك الخيرْ
ودعْ ما يُعقِبُ الضّيرْ
وخفف سرعة السير
وخف بخطك العام
خطوط الناس والسير
بِذا أُوصيتُ يا صاحْ
وقد بُحتُ كمَن باحْ
فطوبى لفتًى راحْ .
بأنشادي يأتَمّ
أخي سائق طقم..