GuidePedia

مع الفنانة التشكيلية المبدعة والنحاتة المتفرِّدة جانيت جرجيس المرادي

حاورها الشاعروالإعلامي رمزي عقراوي ( خاص)

*** أحببتُ طبيعة عمان الجبلية كونها ذكَّرَتني ببلدي الجميل وبمدينتي الحلوة عقرة ودهوك على حد سواء ---

*** من جميل الصدف أنني أقيم الآن في ولاية – بويزي- الأمريكية وهي تشبه تماما مدينتي الجميلة دهوك الحبيبة ---

• جانيت جرجيس المرادي من مواليد مدينة كركوك عاش أجدادها و اهلها في مدينة دهوك الجميلة التي تقع في إقليم كوردستان - العراق بعد أن هُجِّروا قسراً من قِبل السلطات التركية كونهم من أبناء الشعب الأرمني من مدينة يرفان التركية واشتغلوا بتجارة الاقمشة - أما والدها فقد تعين في شركة نفط كركوك قسم هندسة النفط كونه كان خبيرا لآبار النفط – وإنتقلتْ جانيت إلى بيت جدتها لتعيش معها طفولتها وغضَّ شبابها الطري حيث أكملتْ دراستها الابتدائية و المتوسطة في مدينة عقرة الجبلية الساحرة ومن ثم سافرتْ الى مدينة كركوك وأكملت الدراسة هناك في الثانوية  الكلدانية – ماريوسف الاهلية وبعدها تخرجتْ من معهد الفنون الجميلة ببغداد وتعيّنتْ في إحدى مدارس قضاء الحويجة وبعد ذلك إنتقلتْ إلى بغداد ثانية لتكمل دراستها وتتخرج من أكاديمية الفنون الجميلة – جامعة بغداد ومن ثم أكملتْ دراساتها العليا في الجامعة الأردنية قسم الآثار لتسافر بعدها بسنوات إلى أمريكا حيث إستقرتْ فيها لحد اليوم وهي لم تزل تدرس في إختصاص تأريخ الآثار وفنون السيراميك – قسم الفخار في جامعة ولاية بويزي الأمريكية –

*** ويسرني هنا أن أحاور الفنانة والنحاتة المتألِّقة جانيت على الشكل الآتي أرجو أن تروق لكم وشكرا ---

1= كيف بدأت بالرسم ومتى وأين ؟

 = شجعني أهلي على ممارسة الرسم منذ الطفولة.لأنهم يحبون الفن التشكيلي ويميلون اليه كثيرا رغم دراسة  أكثر افراد عائلتي في إختصاصات علمية كالطب والهندسة وغيرهما وبرعاية مدرستي  وبمشاركتي في المعارض الفنية وتشجعيهم لي وإعجابهم بلوحاتي الصغيرة وحصولي على جوائز من الهيئة التدريسية – فكان إختياري الأكاديمي هو دراسة وتعليم فن الرسم والنحت -

2= وبمَن تأثرت من التشكيليين العراقيين والعرب والأجانب ؟

= طبعًا اول ما تأثرت بالبيئة التي عشت فيها وخلقتْ مني اليوم ان اكون  نحاتة ورسامة  وثم اساتذتي الذين درّسوني في معهد الفنون أمثال الأستاذ سعد الطائي ورافع الناصري وصادق ربيع وميران السعدي و شاكر حسن آل سعيد وإبراهيم العبدلي ومحمدغني حكمت وغيرهم – أما تأثّري بالفنانين الأجانب فكان من خلال إطلاعي عن كثب على لوحاتهم واعمالهم الفنية المشهورة كالنحات – هنري  مور وجورج ستانلي – والرسام الفرنسي مونيه والرسام الهولندي فانكوخ ورامبرانت -

3=هل هناك لوحة معينة تمنيت لو أنت رسمتيها أوأنت كنت صاحبتها ؟

=   العمل الذي كلفتني به السفارة العراقية في عمان وكان وقتها هناك السفيرالعراقي سعد الحياني بأن اعمل جداريات ضخمة عن الحضارات  الاربعة في العراق للسفارة  وقد نفذتُ جميع المخططات المطلوبة لهذا العمل الفني الراقي الرائع لحضارات العراق المعروفة عبر التأريخ وسلمتها للسفارة وقد بقي فقط تنفيذها ولكن للأسف لم تنفذ لاني سافرت فجأة الى امريكا وقد أحببت أن اقدم شيء لوطني العراق هذا ما تمنيتُ أن أعمله لكن حكمت الأقدارعليّ فأضطررت للسفر ! وبعد سفري نفذه زملائي الفنانين العراقيين الذين كانوا مقيمين في عمان حينها -

4= ما هي أول لوحة فنية قمت برسمها وهل لك صورة لها وما مصيرها

= كان اول عمل لي جدارية نحتية عن حرية العبيد وقد وضع  في معرض معهد الفنون الجميلة مع الطلاب زملائي ولكني لا أملك صورة لها للأسف

5= هل هناك فروقات بين الرجل والمرأة في مجال التشكيل الفني ؟ 

= نعم يوجد فرق بين الجهد العضلي للمرأة في النحت والجهد العضلي للرجل بطبيعة جسمه وقوة صبره على العمل هو الأنجح والأفضل من المرأة مهما كان إبداعها وكل الفنون في العالم لها مناهج فنية، توجيهية، إرشادية، فكرية، تصب في التقدم المكاني والزمني للإنسان الذي له الأثر الكبير في إظهار الفن بإحساس مرهف وفكر متقد وتجسيده بالصورة التي تليق بالجمال الفني فكراً ومضموناً.

لا يمكن للألوان أن تجسد فكرة، ولا يمكن لقلم الرصاص والطين والحجر أن يتحول إلى رؤية فكرية إلا بعد لمس وحركة هذه الأشياء الصامتة والإحساس فيها ونظمها وفق معايير وأطر مخطط لها مسبقاً، ولا شك أن هناك فرقا كبيرا بين الرسم كممارسة وجهد عضلي وبين التكوين الفني للطين والحجر، فالرسم يمكن ممارسته في أي مكان؛ الغرفة، الصالة، الحديقة، وغيرها من الأماكن التي يمكن استغلالها لهذا الأمر، أما ممارسة الطين والحجر فلا يمكن ممارسته إلا في مشاغل كبيرة ومعامل لصب البرونز، وهي في نفس الوقت مكلفة، النحت هو بناء لجسم المنحوت بحديد ثم الطين الحر وبعدها الصب في قوالب مستخدماً البورك، أما النحت في الحجر، بواسطة الدريل الكهربائي، وهذا أصعب الأعمال.

، وقد كان سفري بين الألوان والصمت يجعل الفرشاة  وتخطيطي في الظل والضوء، وحولته في نفس الوقت إلى أعمال نحتية ولوحات  فخارية صغيرة -

6= كم عدد لوحاتك الآن تقريباً ؟

= لا اعرف كم عدد لوحاتي لان لي اعمال كثيرة  منها مباعة ومنها مهداة ومنها سرقت وقد كان لي لوحة في مركزصدام للفنون لا اعرف مصيرها وإما في مطار لندن بحدود عشرة لوحات هذه ايضا سرقت حينما نقلتها  الى امريكا اثناء الهجرة واني محتفظة بعدد لابأس منها  وكذلك لي اعمال نحتية فخارية  قليلة والحمدلله محتفظة بها الى اليوم -

7= هل لديك مرسم خاص وأرشيف لحفظ لوحاتك الفنية ؟

= نعم عندي على شكل فيديو من عمل الأساتذة للمواقع الفنية ومنها للاستاذ فؤاد ميرزا في  ديترويت  في امريكا ومنها للاستاذ موفق احمد في هولندا ومنها محافظة عليها كفايلات وملفات رسمية عندي شخصيا -

8= ما هي أهم الأماكن التي إقتنتْ لوحاتك أو علّقتْها فيها ؟

= عندي مقتنيات في القصورالملكية في عمان وكذلك في بيوت وقصور المسؤلين الكبار والامراء في عمان  وفي امريكا في جامعة بويزي في قسم الفنون والاثار و في مراكز لمتاحف الاثار في عمان وأمريكا وفي بيوت بعض الاصدقاء والاهل واعمالي عموما موزعة في العراق. وعمان وفرنسا ولندن وأمريكا -

9= من أين أومن أي شئ تستلهمين افكار لوحاتك عموماً ؟

= من أطلاعي الكثيف والمدروس والمتواصل للمدارس الفنية في كل المراحل التي مربها الفن الاوربي.  وكذلك للمدن والاماكن التي عشت فيها وكذلك عن طريق دراستي لتاريخ الآثار وهكذا فلقد أصبح عندي المخزون الكافي الذي أستطيع عن طريقه أن أجسد فنون الحضارات في اعمالي النحتية على الاكثر وهذه هي غايتي التي احبها وان اخلدها في أعمالي الفنية كلها -

10= هل بيعتْ لوحاتك في المعارض ؟ وما هو أعلى سعر وصلتْ  اليه ؟ = نعم كل الفنانين اثناء عرض اعمالهم في المعارض في الكاليرات وخارج الكاليرات يعرضونها للبيع فيقوم قسم من مقتني وتجار اللوحات  بشرائها وأسعارها كانت تتراوح بين الف والى ٧ آلاف دولاروقد بيعت لي اعمال نحتية بسعر ٣ آلاف دولار واكثر في بعض المرات ولكن ليست كل اللوحات تكون بهذه الأسعار العالية فهي بين وبين يعني والحمدلله والبركة من الله وبصراحة بيع اللوحة ليست عندي مهم ابدا لآنها أرث حضاري مهم جدا -

11= كيف تستطيعين من خدمة الفن التشكيلي العراقي - وهل هوالآن في وضع العراق الراهن بخير ؟.

=  لا وبرغم الظروف الصعبة التي يمر بها العراق و لكن اشاهد اقامة المعارض والانشطة على الساحة الفنية لم تقف بعطاء وكذلك بالأعمال النحتية في ساحات مدينة بغداد  وهذا مما يدعم الفنان ان هناك الامل من رجوع النشاط الفني الى الساحة العراقية والحمدلله في هذه الفترة التي هي الاصعب للفن في زمن الكورونا فلقد شاركت في معارض تشكيلية إفتراضيةعلى الانترنيت مع زملائي الفنانين المغتربين -

وقد كانت مشاركتي  في العراق عن طريق وزارة الثقافة والفنون. وكذلك في عمان عن طريق وزارة الثقافة والفنون أيضا -

12= هل إستفادت فنانتنا المبدعةجانيت المرادي من إنتاجها الفني ماديا ومعنويا ؟

=  نعم كانت الاستفادة معنويا اكبر من المادية بالنسبة لي فالمعنوية تعني حضوري على الساحة الفنية بأعمالي. مع زملائي الفنانين في هذا المجال الشاق وخاصة النحت وثم الرسم. هذا لكوني نحاتة يعطيني الدعم الكافي للأستمرارية نحوالافضل وانا سعيدة جدا لكوني انا هنا في امريكا كي أُعبِّرَعن الواجهة الثقافية الأصيلة والحقيقية العالية والحضارية المتقدمة لبلدي العراق -

13= ماذا تعني  لك الطفولة والطبيعة ؟

=  كنت من الاطفال السعداء الذين عاشوا أجمل لحظات حياتهم السعيدة الحلوة بين جبال وشموخ مدينة عقرة الجميلة وانت الشاهد على ذلك ياعزيزي رمزي (( كانت الفنانة الجميلة جانيت زميلتي للمرحلة المتوسطة في ثانوية عقرة للبنين حيث كانت دراستنا مختلطة من كلا الجنسين -))  لحين تخرجي من معهد الفنون الجميلة والتوفيق كان من الله سبحانه وبعد تعييني في قضاء الحويجة كنت امر بأصعب الظروف حيث كانت الحرب  مع إيران قد اثرت على جميع أبناء العراق وبعدها كانت رحيل اهلي في التسعينات الى اوربا وقد توزعوا بين لندن وفرنسا والسويد. واخيرا كانت  الهجرة من نصيبي أيضا حالي حال كل مهاجر ومغترب خارج العراق كل هذه السنين لابد أن تؤثر على كل انسان يحب وطنه ويسافر قسرا بدون رغبته طالبًا الأمان خوف ان يفقد الكثير من الارواح العزيزة عليه فالروح هي عندي الاسما من كل اموال الدنيا !

لقد جاءتني وظيفة في مكان ومركز عالي في العراق ولكنني لم ارجع رغم وجود اعز احبابي من اهلي واصدقائي في العراق وأظل أقول بأن العراق هوالبلد الذي يبقى الى اخر العمر في ذاكرتي ولا أنساه رغم ملذات وجمال الغربة في امريكا اوفي اي دولة أخرى وهذا هو بناء اساس الفكروالارث الوطني وتصقله الثقافة الوطنية  وان ضاع كل شيء من وطني الجميل يبقى معزته في قلبي وان هاجت كل المواجع عليه يبقى عزيز وغالي ولا اريد أن أخص مدينة او قرية محددة بالذات فكلها أيقونات في ذاكرتي لا اقدر أن انساها أبدا -

وهكذا ربينا اولادنا والحمدلله - الله وفقهم في كل المراكز العلمية والعملية ابني وأبنتي لان ركزت في ذهنهم الاصل والوطن وهوالذي يبني لك المستقبل والذي ليس له ماضي جميل ويفتخر فيه لن يكون له مستقبل جميل لان كلما ينظر الى خلفه ويتذكر الماضي يجتهد ليكون الافضل    وهنا تنبع اصالة الانسان الحقيقي -

14= حدثينا عن بعض ذكرياتك الجميلة وأنت في الوطن ايام الشباب والدراسة والعمل قبل الهجرة الى خارج الوطن ؟.

= احب أن اختصرها لك حيث كانت من اجمل ايام حياتي ما عدا فترة الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي -

فطفولتي كانت سعيدة في مدينة عقرة الجبلية الساحرة بجبالها الشامخة ووديانها اللطيفة وبساتينها المثمرة وشلالاتها المثيرة واشجارها الباسقة ورياضها العطرة وكرومها الحلوة وتينها المميزورزها العقراوي المعروف على مستوى الوطن ولا زلت أتذكر الى اليوم كل صغيرة وكبيرة في عقرة الجميلة وأهلها الطيبين -

وقد  ساعدتني هذه الظروف المؤاتية على اجتياز الامورالصعبة بحياتي كما اعطتني القدرة على التفائل والامل بالحياة السعيدة والفرح والسرور

15= كما لو تكرَّمت فحدثينا بالإيجاز عن وضعك العام وانت في الآردن تستعدين للرحيل الى الولايات المتحدة الأميركية ؟

= لا احب ذكرذلك الموقف المؤلم جدا واللحظات الحرجة والصعبة على نفسي من شدة الحزن وبقيت اكثر من سنة ابكي على رحيلي من الوطن البديل الذي اعطاني كل ما تمنيته في الوطن الأصلي وعوضني عن كل ما فقدته بطيبة اهله وكرم اخلاقهم ولا انسى ابدا يوم الرحيل عن عمان  و لا اريد ان أتذكره بالنسبة لي اصعب شيء لا استطيع وصفه -

وقد عشت خلال فترة غربتي عن العراق  ٩ سنين حيث كنت خلالها في الأردن واليوم انا في امريكا منذ12 سنةً -

وقد أحببت طبيعة عمان الجبلية لأنني تذكرت بلدي ومدينتي عقرة ودهوك   ومن جميل الصدف هو أنني أقيم الآن في ولاية بويزي في أمريكا وهي تشبه تماما مدينتي الجميلة دهوك الحبيبة وأنا جدا مرتاحة فيها كونها من المناطق الجبلية التي تشبه موطني الأصلي ولا افارقها على مدى حياتي وهذه نعمة من الله -

انا اعتبر الطفولة هي جوهر الحياة الانسان ان عشت بنعيم يبقى النعيم معك طيلة حياتك والحمدلله دائما الله يعوضني وشكرا -

عندي مبدأ في الحياة إذا كنتَ قريبا من الله بأيمانك فالله لاينساك ويكون معك في كل لحظة وشكرا للرب -

16= واخيرا نود يا سيدتي أن تتحدثين لنا عن إقامتك هناك في أمريكا كمواطنة وكفنانة تشكيلية على حد سواء؟

=  لازلت اكمل دراساتي في علم الاثار وفن السيراميك ومستمرة في إعطاء دروس لمدارس هاي سكول والى جانب رعاية البيت ومسؤلياتي كأم اربي حفيدي أبن بنتي عمره ٩ سنوات وأنا أُربيه على طريقتنا الشرقية الاصولية وعلى أسس الحياة الأسرية واحترام الاهل والحمدلله كل شيء على مايرام الا وحشة الغربة اظن تراود كل مغترب -   

17= ذكرياتك مع بقية الفنانات التشكيليات اللواتي عاصرتهن وعملت معهن في الوطن وفي خارجه في الاردن الشقيق وفي أمريكا ؟

= في الحقيقة هن كثيرات وعزيزات على قلبي صديقتي هيفاء القاضي وشذى الراوي وراجحة القدسي وأستاذي ابراهيم العبدلي وأستاذي رافع الناصري الله يرحمه.  ومحمد غني حكمت الله يرحمه  - وعذرا إذا نسيت أن أذكر بقية الزملاء الأفاضل – مع الشكر والتقدير)

*** حاورها الإعلامي رمزي عقراوي ( خاص )





 
Top