GuidePedia

      السعيد أحمد عشي

رتبة الانسان
قال تبارك و تعالى : ( و إذ قال ربك للملا ئكة إني جاعل في الأرض خليفة ، قٌالوا أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك ، قال إني أعلم مالا تعلمون ...) . إن الذي أشار اليه المولى تبارك و تعالى بال (خليفة) و أشارت إليه ملائكته بالإفساد في الأرض و سفك الدماء هو الإنسان ، و إن كلمة إنسان تشمل الذكر و الأنثى و الصغير و الكبير و الغني و الفقير و الحاكم و المحكوم و الرئيس و المرؤوس و لا فرق بين إنسان و آخر إلا بالتقوى و العمل الصالح .
إن كون الدولة عبارة عن مجموع المواطنين الذين ينتمون إليها ، و كون الديمقراطية عبارة عن حكم الشعب لنفسه بنفسه يعني أن كل إنسان فوق هذه الأرض عبارة عن خليفة الله و مسؤول عما استخلف عليه ، و أن المسؤولية ملقاة على الرجال و النساء و على الحكام و المحكومين العقلاء . و إنه لا فضل لعربي على عجمي و لا للأمريكيين على المكسيكيين الذين أراد الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) أن يفصل بينهم بسور عظيم كسور ذي القرنين الوارد في القرآن الكريم .
إن الناس سواسية في العمل و طلب الأرزاق من عند الله وحده ، و هم مسؤولون على استخراج كنوز الأرض و أرزاقها و تقاسمها فيما بينهم بالعدل حسب طاقة و حاجة كل مجتهد ، إن الشعوب هي التي تسعى و تكد و تجتهد و تستخرج ثروات الأرض و تجني محاصيلها التي تمثل أموال و أرزاق الشعب و تمثل كذلك أموال و أرزاق القيادات السياسية . إن أموال و أرزاق القادة و الحكام هي جزء من منتجات الشعب و ليست هي العملات النقدية التي تقوم الدول بصكها مقابل كنوزها أو كنوز مواطنيها من الذهب . لقد كان الله هو الذي يمد الأفراد و المجتمعات بالكثير أو بالقليل من منتجات و أرزاق أرضه ، و كان هو الذي يفقر و يغني من يشاء بأرزاق و كنوز أرضه ، لقد كان الإنسان العامل المخلص المجد في عمله هو رأس المال و بدون وجوده و بدون وجود أعماله و اجتهاده لا يمكن قطف أي شيء . و لما تم ابتداع العملات النقدية الحديثة باسم أصحاب الكنوز المملوكة من طرف العباد تحولت القبلة و أصبحت الشعوب تعمل و تجتهد من أجل الارتزاق و الاغتناء بالعملات النقدية أي ترتزق من كنوز الدول و أصحاب العملات النقدية ، و انقلبت الآية و أصبح الحكام هم الذين يرزقون ويغنون الشعوب بالأموال قبل أن يرزقهم الله بكنوزه و أرزاقه ، و من متناقضات التعامل في هذا العصر أن الحكام الذين يمدون الشعوب بالأموال المبتدعة هم أنفسهم الحكام الذين يفتقرون إلى تلك الأموال التي يسترجعونها من عند نفس الشعوب عن طريق الضرائب . إن الفرق بين الله صاحب الكنوز الأصلية و بين أصحاب الكنوز المكتسبة هو استغناء الله بما عنده ، بينما يفتقر أصحاب الكنوز النقدية إلى استرجاع أموال ميزانياتهم الجديدة من نفس العملات التي يغنون بها غيرهم  .
إن الله خلق العباد و استخلفهم في أرضه ليستمدوا أموالهم من عنده بصفته هو الغني الذي لا يحتاج إلى عباده و لم يستخلفهم ليستمدوا أموالهم من عند المفتقرين إلى أموال بعضهم بعضا . إن إغناء العباد للعباد والتنافس على السلطة و استرجاع نفس الأموال التي يغني الناس بواسطتها بعضهم بعضا هو مصدر الصراع بين الشعوب و الحكام و هي السبب في افتقار الشعوب و هي السبب في الإضرابات و الاحتجاجات و المطالبة برفع الأجور ، و هي السبب في تجنيد الحكام للآلاف بل للملايين من الحراس و رجال الأمن غير المنتجين بالأموال المبتدعة لقمع الشعوب التي تنقب على كنوز الله في الأرض و تحصد الأرزاق التي يتمتع بها حكام الدول . إن طغيان أمريكا و استعبادها لدول و سكان العالم بالعملات المبتدعة بصفتها صاحبة أكبر كنز ، و التي يفتقر رئيسها للأموال  لبناء السد المزعوم عبارة عن إنكار صريح لوجود الله الرزاق الوحيد لسكان العالم و إنكار لوجود الغنيِّ الذي لا يفتقر و حرب على الإسلام و جميع المؤمنين من اليهود و المسيحيين و اتباع محمد صلى الله عليه و سلم .
إن الفتن و الحروب و الإرهاب و الإفساد في الأرض و سفك الدماء هو من فعل المبتدعين للعملات النقدية و ليس من فعل المؤمنين الذين يؤمنون بأن الله هو الرزاق الوحيد لكل المخلوقات فوق الأرض . و إن العودة إلى الله لا تتحقق إلا بارتزاق جميع سكان العالم بعملة إلكترونية موحدة تتنزل من السماء ولكن لا يلمسها أحد و يعتبر إنفاقها تحصيلا للأرزاق و كنوز الله و يعتبر عدم إنفاقها عبارة عن لا شيء . إن أموال الله لا يجب أن تكون أجورا للعمال فقط و لكن يجب أن تكون قيمة لجميع المنتجات التي تستخرج من الأرض و تصنع و تباع و تشترى في المتاجر و قيمة  لتنمية الأحياء و قيمة للمحافظة عليها من الانقراض . إنه بتعامل العباد بأموال الله التي لا تنفذ أبدا يكون الإنسان خليفة لله فوق الأرض .                                               
                                           السعيد أحمد عشي
 
Top