GuidePedia

روائع الفن المعماري العربي "جسر شهارة في محافظة عمران - اليمن "
ــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي .العراق. 7-6-2018
تقع مدينة شهارة إلى الشمال من محافظة عمران في الجمهورية اليمنية، وتبعد عنها نحو (90 كيلو متراً)، ويمكن الوصول إليها من مدينة حوث وشهارة طبيعياً تشمل سلسلة جبلية يطلق عليها اسم سلسلة جبال الأهنوم نسبة إلى قبائل الأهنوم التي تسكنها، وتشتمل هذه السلسلة على جبل " شهارة الفيش " وجبل " شهارة الأمير ". ومدينة شهارة هي المركز الإداري لمديرية شهارة، يرتفع هذا الجبل حوالي (3000 متر) عن مستوى سطح البحر، كما تشتمل على جبل سيران الغربي والشرقي وجبل ذري، وجبل المدان، وجبال القفلة وعيشان ثم جبال ظليمة وبني سوط، وهي بالجنوب من السلسلة، ثم جبال الجميمة وبني جديلة، يحد هذه السلسلة الجبلية من الشمال وادي الفقم النازل من العشية إلى مور، وجنوباً وغرباً وادي مور النازل من أخرف والبطنة، وشرقاً سهل العصيمات وعذر، وقد قسمت شهارة إدارياً إلى مديريتين (مديرية شهارة، ومديرية المدان)
تقع مدينة شهارة على الجبلين المتقاربين الشرقي والغربي والذي يطلق عليهما (شهارة الفيش)، و(شهارة الأمير)، ويربط بين الجبلين جسر (جسر شهارة) أقيم على الأخدود الفاصل بينهما وكانا الجبلان قديماً يعرفان بجبل معتق. ومدينة شهارة مدينة جميلة كانت فيها برك للماء وعين ماء كان يطلق عليها (المقل). ومباني المدينة قوامها الأحجار تتخللها المساجد والقباب، وبعض الخرائب منها ما يعود إلى فترة إنشائها في منتصف (القرن الخامس الهجري) إنشاء مدينة " شهارة الأمير "، وفيها ـ أيضاً ـ حصن الناصرة ودار سعدان اللذان أقامهما العثمانيين في الفترة الأولى لحكمهم اليمن في الفترة الممتدة من سنة (995هجرية) إلى العقد الثاني من (القرن الحادي عشر الهجري). وفيها جامع حسن ـ بناه ـ الإمام " القاسم بن محمد " المتوفى في سنة (1029 هجرية)، وقبره فيه مشهور، وفيها (سبعة مساجد) غير الجامع.
ولشهارة طرق محكمة بين الجبال، وأبواب لكل طريق، منها باب النصر، وباب النحر وباب السرو، وعلى كل باب هناك حراس يقومون على حمايته
أقيم هذا الجسر للربط بين جبلي (شهارة الفيش)، و(شهارة الأمير)، وقد كانت الطريق بينهما تتطلب الكثير من الوقت والجهد حيث كان الأهالي يلجأون للنزول إلى أسفل الأخدود الفاصل بين الجبلين ثم الصعود إلى الجبل الآخر، هذا هو الأمر الذي جعل نقل الماشية والبضائع بين الجبلين يعتبر شبه مستحيل لصعوبة الطرق والأخاديد الفاصلة بين الجبلين ذات الانحدار الشديد. أما بالنسبة لتاريخ بناء الجسر فقد بني في عام ((1323 هجرية) ـ (1905 ميلادية)) في عهد الإمام يحيى بن محمد حميد الدين. وتعتبر الهندسة المعمارية للجسر واحدة من أهم سماته، فقد أقيم على أخدود شديد الانحدار يفصل بين جبلي شهارة الفيش وشهارة الأمير يبلغ ارتفاعه من أسفله إلى أعلى قمة الجبل حوالي (200 متر)، أقيم هذا الجسر على ارتفاع (50 متراً) من أسفل الأخدود، في منطقة يبلغ مسافتها (20 متراً) ونتيجة للارتفاع البالغ (50 متراً) من قاع الأخدود فقد بنيت في الأسفل عدة جسور ونوبة ـ برج ـ تم الاعتماد عليها في إقامة هذا الجسر إذ كانت تستخدم لنقل الأحجار ومواد البناء إلى أعلى المنطقة التي اختيرت لإقامة الجسر والتي مُهدت قبل البدء بالبناء عليها لأن صخورهـا ملساء، بعد ذلك أقيم جسما الجسر على الجبل الشرقي وعلى الجبل الغربي بلغ ارتفاع كل منهما (10 أمتار)، وبالاستناد على ذلكما الجسمين تم عمل عقد الجسر الذي ربط بين الجسمين ليصل بعدها طول الطريق بين الجبلين إلى (20 متراً) وعرضها (3 أمتار)، ولا زالت آثار الجسور التحتية التي استخدمت لنقل مواد البناء إلى الأعلى قائمة، أما النوبة فقد تهدمت مبانيها.
هذا وقد أقيمت على جسم الجبل الغربي طريق حجرية مرصوفة تبدأ من بداية الجسر إلى الأعلى ؛ ونتيجة للانحدار الشديد للصخور فقد اضطر المعمار إلى بناء عقود لكي تقوم عليها عمارة الطريق المرصوفة وتعتبر الطريق المرصوفة والجسر تحفة معمارية رائعة وعملاً هندسياً عظيماً، إلى جانب أهميته في تسهيل حركة التنقل بين الجبلين.
جسر شهارة هو جسر اعتاد السياح والزوار لمدينة شهارة على زيارته لاعتباره أهم معالم المدينة .. بني في عهد الإمام يحيى حميد الدين عام 1323 هجرية - 1905 ميلادية و قد أقيم على أخدود شديد الانحدار ليربط بين جبلين شاهقين هما جبل شهارة الفيش وجبل شهارة الأمير ويبلغ طول الجسر /20/ مترا وعرض /3/ أمتار ويقع الجسر على هوة أخدود عميق يصل عمقها إلى أكثر من /300/ متر، وقد كانت الطريق بين الجبلين تستنزف الكثير من الوقت والإرهاق والجهد والتعب والذي كان الأهالي يلجأون إلى النزول حتى اسفل الأخدود الفاصل بين الجبلين ثم الصعود إلى الجبل التالي، كما كان يستحيل نقل الماشية والبضائع الاستهلاكية بين الجبلين لصعوبة انحدارالأخدود وجاء الجسر ليمد سرات الحياة والتعايش بين أهالي الجبلين بكل يسر وسهولة وقرب.
المعجزة والعمارة ونمط الحياة ونمط سرد الحجارة والبناء وأهمها الجسر الهابط تحت أقدام زائره فكيف بني هذا الصرح الأسطوري الذي لا يزال يحكي قصة المكان والزمان فارضا قوة الانتماء إلى أصالة الفن المعماري الهندسي اليمني ؟بعد انجاز التحفة النادرة والقصر المشهود حصن نواش في مديرية القفلة عُهد الى المهندس المعماري صالح عبدا لله السودي فريد عصره بناء الجسر ليربط الشهارتين شهارة الفيش وشهارة الأمير ببعضيهما وإغلاق الهوة السحيقة المرتفعة عن وادي القصبة أو وادي الحدين التي تحدثنا عنها لم نتمكن مقياسها لان هوتها تجلب الدوار واختلال الوزن إذا نظرت لها ولهذه الهوة كان أهالي الشهارتين يسيرون مسيرة يوم كامل للنزول والتزاور فيما بينهم إذ يبلغ الفاء مابين الشقين من خد الجبل إلى خذ الجبل الثاني حوالي اثني عشر مترا وبحكمة المهندس وبصيرته الهندسية المعمارية النافذة تمكن من اختيار مكانا ضيق على شفتي الجبلين الصخريين بارزا بالقضاض يتحمل أوزار قاعدة بناءه مما حدا به أن يضع خشب أشجار العتم ( شجرة العتم شجرة قوتها وصلابتها بصلابة الحديد ) وبها احكم إغلاق الهوة وبعرض ثلاثة أمتر الأمر الذي ساعد على جلب حجارة من ذا الجبل لبناء برج (قصبة ) على ارتفاع ستة أمتار ليتمكن فيما بعد من بناء الجسر (العقد ) الأول وبني له سياجا بارتفاع ستين سنتمترا وعرض أربعين سنتمتر ليمنع السابلة من السقوط إلا أن هذا البناء لا يكفي لتكملة سلالم المدرجات الحجرية فعزم على ربط أخاديد الجبلين ببناء برج أخر فوق الجسر لا يشمخ كثيرا مثل سابقه ولكنه من خلال ذلك استطاع أن يكر بناء العقد أو الجسر عل مسافة أطولها اثني عشر مترا وبعرض مترين ونصف المتر وبعرض مترين ونصف حينها اكتمل الجسر الثاني وهد الجسر الذي قبله ليبقى الجسر الذي مكنه من بناء عتبات درج يصعب تعدادها وقد يتوهم من يرى هذه الأعجوبة التاريخية والتحفة المعمارية النادرة أنها الجسر الوحيد الذي لازال باقيا وهذا ليس صحيحا ففي جهة الشمال بني عقد بعرض مترين وعلى حد مسافة أتاحت له بناء يتمكن من خلاله مواصلة مستوى الارتفاع إلى جانبه عقد دخل من ضمن هيكل عتبات سلم تصل بك قمة الجبل بينما الجهة الغربية اعقد من الجهة الأولى فركز على بناء ثلاثة عقود لتصبح فيما بعد جزاءا مهما من جسد الجسر ليتمكن فيها امتداد عتبات السلم وبدونها لا يمكن للمرء أن يصل إلى مرامه
* الأسطى صالح
ورد في الروايات أن الذي قام ببنائه وتصميم تركيبته الفنية والهندسية والمعمارية هو الأسطى صالح الذي عرفه الناس بهذا الاسم في العام 1905 م و قد قيل في بعض الروايات أن الأسطى صالح أصيب بهوس و جنون بعد أن انتهى من بناء الجسر حيث لم يستوعب عقله أنه قام بإنجاز شبه مستحيل تمثل في بناء الجسر بهذا الشكل بدون استخدام لاي من الوسائل الحديثة التي تستخدم في عصرنا الحالي .
* تكلفة الجسر
تشير المعلومات المحلية إلى أن بناء الجسر استغرق نحو ثلاث سنوات تقريبا وأن تكلفته بلغت حوالي مائة ألف ريال ذهب (ريال فرانصي)العملة المتداولة آنذاك وهو مبلغ هائل في حينه ويعتبر الجسر تحفة معمارية رائعة وعملا هندسيا عظيما، حيث يمتاز بطابع معماري فريد ونوعي على مستوى الجزيرة العربية من حيث الدقة والتكوين والبناء والإنشاء الملائم والطبيعة الجبلية والصخرية الشديدتين ولهذا توالى السياح الأجانب والمحليين والعرب لزيارة هذا المكان والمعلم الحضاري والتاريخي الذي يعد روعة وآية في الجمال الفني والأعجاز العلمي القديم.
 
Top