سيناريو صورة جدلية ، وخفايا شهرزاد..
مع الكاتبة خلود بناي البصري .
ــــــــــــــــــــــــ ناظم عبدالوهاب المناصير
الكتابة في الشــــعر والرواية والقصـــة بأنواعهــا ، ما هو إلاّ النشاط
المتميز للعقل البشــري ؛ فالقصة القصيرة جداً ، وجدت لنفسها طريقاً
مزدحمة لمحبيها ومؤيديهـا ، كونها تبحث عن الحقيقة دون توقف ، وتبقى
تدور حول موضوع واحد أو مختلف المواضيع بشــــروط محسومة ، ولا
نستطيع أنْ نحدد لهـا زمنـاً أو مكاناً واحداً ... تبرز فكرتها في مشـــهد قد
يكون انفعالياً لموقف أو لإشارة ما ، وما على القاص إلاّ أن يولي أهتمامه
بما ينقله شفاهاً أو كتابــة على الورق من مشاهد في مناخ سيناريو صورة
جدلية في أفق واضح ، حيثُ أنّ القصــة كهذا النوع ، أخذت تمر بمرحلة
تتميز بالنشاط والحيوية والتركيز على أحداث الحيــاة العاطفية والإنسانية
والوجدانية ليهذبها ( نفسُ الحياة ) اليومية وتأثرها ضمن حزمة انطباعات
بالغة الحيوية ، لكننا قـد نراها متشابهة في موضوعاتهـا ، معظمها تتناول
موضوعات صور وصفية مترفعة ، تغوص في عمق النفس الإنسانيــــــة
، مما يعطيها كثيراً من الروعة والإبداع ..
أما صور تأزمهــا على مدار الزمن الحديث في حالاتهــــــــا النادرة أو
المستجدة ، فقد تتبلور في عمقهـــا مهام تقصر أو تطول ، مما تنتجُ مكانة
تبعد عن المقامات المواضبة الخلاقة والإنطباعية المختزلة في طرح أفكار
مجتمعية أساسية معرفية مصنفة كما يتراءى للقاريء أو للمتلقي ..
الكاتبة خلود بناي البصري ، ســــــبق أنْ أصدرت مجموعة قصصيـــة
( امرأة متحررة ) التي وجدنا فيها المعبر الطويل أو أنّ نصوصهـا تحوي
إنطلاقة لإيجاد أسلوب نتوخى منه منهجــــاً في عطائـــه الثر المستمر في
الكتابة للمرحلة الثانيـة في ( خفايا شهرزاد ) التي لا يخلو بعضها عن كل
قيمة متلاحقة ضمن حراك واســــــع ، ما عدا تلك الصور النفسية البريئة
، وليس كل ما تحاول الكاتبــة أن تقوله ، أن تنجح بأن تقول ما تريد قولـه
في مزية الصدق والإنفعال والتغاضي والأنفــة والقلق والخوف أو العزلة
التامّة ، وإنما تبدو لنا كيفيــــة بعض قصصهـــــــا بأشبه ما تكون مؤطرة
بالسببية المفرطــة إذ تتجاوز حدود الطبيعــــة ، فتغتنم الفرص المشجعــة
بأستمرارية منهجية تنطوي بأيجابية لعالم متغير .. تبدأ قصصهــــا لتنتهي
بجواب لتكملة فكرتها أو دلالتها : قصة رقم ( 125 ) :
أوكلت طرفهُ للهِ
وتركت طرفَ نواياهُم الشائكة
فرحتْ حين رأت ...
# ظلها مستقيماً #
ـــــــــــــــــــــــــــــ وهكذا تلتف قصصها التي بلغت ( 155 ) قصة بنهج
متسارع في نهاياتها المعنونة لتحقق النجاح على ضوء القيم الجمالية التي
تفي بكل ما تحتاجه فكرياً بتعابيرهــــا ، وقد تكون ذات رؤية فلسفية فـي
موضوع استقراء وتحصن أخلاقيات المجتمع .
فالقصة القصيـــــــرة جداً ، تحتاجُ إلى نوع من الثقافة والرؤى ومرتعاً
خصباً بالإمكانيات والتراث وفي التجربة والإبداع ، لا أن تعالج مشكلاتها
تحت وتيرة مليودراميـــة حزينــــة دون أن يهتم الكاتب أو الكاتبة بالأبعاد
النفسية والسيكلوجية ، كما أنّ بلورة النتاج القصصي قد تتجلى منه بواقعية
أو رمزية مسهبة بشكل فريد .
ولو نظرنا إلى قصص ( خفايا شـــهرزاد ) لوجدنا واقعيتها مميــزة في
زمن لا يعني أن نرَوِضَ فيه الذات الإنسانيــــــــة بدائرة واحدة من التأثير
الرومانسي والتكتيك الآني الذي ربما يقود إلى انطباع فيه بعض المجازفة
، لكن بأقلِّ انجذابٍ في الحدس والأيهام والشروع نحو أبجديـــــة فقيرة في
معلمها ، فتستعير مادتها من خصوبة المقاربات اليسيرة ، كي تضع لهــــا
انطلاقة عن أرض مخضلة بالفكرة والدلالة والصيرورة المنطقية .
ـــ إننا بشر ٌ نحلم وقد نشــذَّ بأحلامنـــا التي نشعر منها أحياناً بالرحمة فـي
آخر حلم ، تأتي هذه الرحمة من زمن آخر لتنقذ الآخرين بواسطة # شخير
الأخ # .
قصة ( 21 )
أغراني الموقفُ
سيارةٌ حديثة ٌ ، شارعٌ فارغٌ
نزل سائقها
اعتليتها ، ادرتُ المحركَ ، وانطلقتْ
يا لجمال اللحظةِ
فاجأتني نهاية ُ الشارعِ المسدودةِ
وكثيرون يحملون َ الهراوات
صوتُ حفارةٍ كبيرةٍ عند نهاية ِ الشارع
أنقذني ..
# شخير ُ أخي #
ـــ اللآأبالية لدى الإنسان تحتجز معصرة الفكـــــر.. تنهضُ مترددة بائسة
فتلوذ في الأشياء المستباحة :
قصة (25 )
قال له ُ : اريدُ أنْ أطلقَ زوجتي
ــ: لماذا ؟
هل ينقصها شيءٌ ؟
ــ: لا ينقصها شيءٌ
# أبـداً #
ـــ للحيلولة دون النطق في سطور ٍ تغذّت على الحسد اليومي .. فهل تنهار
القيم ؟
قصة ( 109 )
تركضُ أمامهُ بخطوات ٍ
تهييء لهُ حمّامَهُ وملابسَهُ وغذاءهُ ، وتشمُّ جواربهُ .
وفي كل مرةٍ يطول ُ متراً ، ولمْ يعدْ يراها
كبرنا ولا تنفكُ تفعلُ هذا الإحتفال اليومي
ما زلنا نبحثُ عمّنْ يهييء لنا
بأسمِ ..
# المساواة #
***
مع أنّ ما ورد من قصصٍ ، فإنّ القاريء يبسطُ يديــه ولم يكن ملزماً أنْ
يطلق عليها ( قصـة قصيرة جداً ) كونها أخذت الإطار المغاير لهذا النوع
من القصص .
كلنا قد نعزفُ على وترية جميلة ، فمن بؤبؤ العين ننظر إلى نشاط الكاتبة
خلود بناي ، فنراه متميزاً بلغ سارية المعلم في الرقي والتحدي بوشاح
أبيض كالغيمة البيضاء الماطرة على أرض الكلمات اليَقِظة ، لتوفر لنا ،
ثمار العطايا الزاخرة بنماء الحياة .
ــــــــــــــــــــــــــــــ ناظم عبدالوهاب المناصير
البصرة / العراق

