علّني أصل إلى ما وصلت اليه :
مع الشاعر ثامر سعيد آل غريب...
ناظم عبدالوهاب المناصير
------------------------------
تعرفتُ إلى أخي وصديقي العزيز ثامر سعيد آل غريب ، بعـد أنْ قرأتُ لـه كتابا" بعنوان ( سياج الجَهنميات الطويل ) قبل أربع سنوات تقريبا" ، حينهـا بثت حروفُه المشاعر الطَيبة في نفسـي لأكون بعـد شــهور صديقا" لـه في يوم دخل علينا صدفـة في محل شقيقي ..
قبل مدة أهداني كتـــابه ( سياج الجهنميات الطويل ) ، كما أهداني مجموعته الشـــعريــةة( غصن يزقزق في رماد ) .. كلمة الزقزقة كما أرى تخصّ العصافير .. فمنذ ُ كنّـا أطفالا" وحين يأتي المساء ، تعود العصافير إلى أعشاشهـا فرحــة" وهي تحمل الطعــام لأفراخها ، للحظتهـا نســمع زقزقـــة هذه الأفراخ تصويرا" لفلمٍ طبيعيٍ رائـع ٍ يتراءى لنـــا أو ما نراه حقيقة أمامنا .. . عندهـا نفرح لفرحهم .. أو حتى حين يطلع النهـــــــار ويفيضُ بنوره على الأرض ، نســمع تلك الموسيقى الرائعــــة .. لكن قـد يُســـــعدنا أيضا" حين تزقزق أغصان الأشــجار التي تآلفت فيها أعشاش العصافير ، عندما تصلها النار في مواقــد البســـطاء من الناس ، نســمع صوتا" جميلا" يسقي الروح ببعض ٍ من مادة الحيـاة .. الغصن يحترق وما بينـه ُ وبين الرماد هسهسات أشــبه بزقزقــة أفراخ العصافيـر .. ففي زقزقتها تطلب الطعام لتســد رمق الجوع وتشبع ..والغصن يطلب النار لينضج الطعام فيخلف رمادا" بعدما أعطى من حياته طعاما" ناضجا" لحياة الآخرين ..
الرماد ، رمز الحياة في العطاء ، فلولا الدم لما كان الأنتصار ولولا النار لما نضج الطعام، ولولا الخير لما ولد الأنسان ولا خلقه الله في أحسن تقويم ...
شاعرنا ، يختزن رؤيا في التكوين النفسي والتعبوي ترتبط مع تدفق نبضــات القلب ، في طريقهـا إلى النضوج بدائــرة التقيــد بالنص الأبداعـي بصور الفرح والحزن ، أو ما يمتلكه في عالمه الداخلي التي طالما يساهم بهـا العقل والوجدان ..تتدفق كلماتـــه بصدق ، لتتكاثف
بنبرات حســّية حميمية صائبة لفكِّ شفرات عقد الحياة .. وتتبدل لديه المفاتيح في كل شــأن في مديات واسعة ، تطفح بالتأمل والسلاسة ، على قدر من الثقــة وأحتواء زخم المرونـــة وتقمص درجات من الحنكة عالية في النهوض الأنفعالي ..لرسم معالم جديدة في الحياة ..
مقطع من قصيدة ( أنا لَستُ أنتَ )
أيّها المأخوذ ُ بالضغائن
والمتباهي بخواتمِه اللاصفـة
أنا لســتُ أنتَ ،
رأسي مرتعٌ للنجوم
وأصابعي بالحروف ِ مشغولة ٌ
أيهـا الشــحيحُ ...
باعَ نصيبـَه ُ حتى من الشّمس ِ
ولم يغيِّر حذاءهُ المثقوب
أنا لَستُ أنتَ ،
فخزائني مشاعة للنـدامى
والعصافير
أيها القردُ ...
ما عافَ غصنا" حتى راوغ َ آخرَ
كي يتعلق َ به
أنا لَستُ أَنتَ
-----------
ناظم عبدالوهاب المناصير
