GuidePedia

 (مقامة الزعامة) 

((رقم المقامة 104))  

أدب/ عبدالمجيد محمد باعباد 

              

حكى لنا سفير السلام ،المتلاعب بأطراف الكلام، والبارع في أسر الأفهام، والناثر أرشية الأقلام، قال: جلست ذات يوم بين قوم رجالها زعماء، وشبابها حلماء، وأطفالها حكماء، وجهلاءها علماء، وعلمائها جهلاء، وكودرها عدماء، ومثقفيها بكماء، ومعلميها أصماء، وخطباءها لحناء، وأطباءها أغبياء، ومسؤوليها بلهاء، وقادتها سفهاء، فتركت بادية العرب العرباء، وقصدت أوطان الغرب الغرباء، وحللت أرض العجماء، فوجدت فرقًا كبيرًا واختلافًا كثيرًا وشاهدت تقدمًا ملحوظًا ونهوضًا معروضًا على شاشات الغروب العربي يشع من المشرق الغربي هذا الشروق الحضاري والتطور العلمي والتقدم العالمي بكل المجالات فأحببت العودة إلى أرض المجاملات وعدت إلى الشعوب المنحطات بعد أن ركبت مواصلات الوساطات وحجزت تذاكر الطائرات وأستلمت تأشيرات المخططات فوصلت إلى الوطن فرأيت التخبطات خبط عشواء، والحرب ما زالت شعواء، والبلاد ليست كما عهدتها فيما مضى بل تغير كل شيء وانقضى وأصبحت في فوضاء لا تتطاق وفسد تعليمها ونظامها وقضائها بل انبعث أشقاها وكذبوه فعقروها ولم يرعوها ويدعوها لها شرب يوم ولهم شرب يوم معلوم أم اليوم لا أكل ولا مشرب بل تضاءل الخطب والمصاب وآلت إلى الخراب..قال سفير السلام لما رأيتها في حطام عجزت عن الكلام ولما شاهدتها تحت الركام أصبت بانفصام كبقية القوم وأحجمت فمي عن الخطاب من هول المصاب، وابكمت لساني في زمن الحرب والدمار ،ونزحت عن هذه الديار إلى ديار الأدب والأشعار. وبحثت في هذا الديار عن من يصف هذا الدمار فوجدت تحت الركام أديب الكلام وبعثرت بين الأنقاذ عن شيخ النقاد وأخرجت من تحت التراب أبو الأدب وقد هالت عليه سقوف التحطيم وانهدمت فوقه أسطح الترميم وانهلت على رأسه سطوح المباني وهو من بنى المباني ونسج المعاني وسرد المثاني وقطف المجاني الوريفة وحصد النجاحات الظريفة ورفع الرؤوس في ظل الحرب الضروس ووشى أدب الطروس في زمن النكوص وبعد أن باشرت بإخرجه من تحت الركام سمعت صوته يقول من تحت الحطام:

لا تهيئ كفني ما متُّ بعــد لم  يزل في أضلعي برقٌ ورعـدُ

أنا تاريخي ألا تعرفــــه خالد  ينبض في روحي وسعــدُ

فأبعدت بقايا الركام وأزحت قوائم الحطام فإذا هو أديب الكلام فمددت يدي إليه فقام ونهض وجسمه لم يعتريه آلم فطفق ينفض من ملابسه وعثاء الحروب وجعثل شعر رأسه ووجف منه أتراب الخراب فقلت له الحمد الله على السلامة فقال جزيت خيرا وسلامة فعرفته عن نفسي المشنفة لانقاد العلم والمعرفة فعرفني حق المعرفة وبعد أن أقعدته للرحة في تلك الساحة المشرفة من الدمار والمنهالة على القاع والمباني المنهدمة على بطاح الأطماح والجدران الهافتة على جثث الأرواح فلما تماثلت حالته المرتجفة من صخب الانفجار وهدأت أعضاؤه المتألمة من سقوف الانهيار وبردت أكتافه من آلم الأحجار الساقطة على رأسه الجري والمنحطة على جسده البريء فجلست برهة أكلمه بعد الحال المزري والبلاء المعتري فكان الحديث بيني وبينه يسري والكلام متحري حتى عدت أذكره بإبداعه لأنسيه هول الفاجعة فشنفني بمقماته المشرفة وأمتعني بفكاهاته المطرفة ونكته المستملحة وأعجبني بالسانه المسلحة بالفصاحة الواضحة وبلاغته المنقحة وعقليته الراجحة فأشرت عليه أن يكتب لنا مقامة صادحة حروفها نائحة لا مادحة وكلماتها صارحة وإن كانت وقحة المهم أن تكون شارحة عن الزعامة الوقحة التي هي حالة حرجة يعاني منها المجتمع فقلت لهذا المصقع أكتب لنا مقامة الزعامة ووضح لنا معانيها المهمة فاستفهم هذه الكلمة وقال أي زعامة تقصد أزعامة القوم أم زعامة اليوم المرضية التي أصبحت حالة معضية لنفوس مجتمعاتنا المرضية فقلت له بل زعامة الحالة النفسية إي وربي لقد أصبت ببصيرتك الحدسية ما أقصد وما أريد زعامة المرض لا زعامة الرجولة والغرض فهلا أطربتنا بمقامة تروي لنا عن هذه الحالة المدلهمة فقال بعد أن نطقت هذه الكلمة نعم إليك قلم رويي وروئي وصدقي لا مرائي وقولي لا هرائي إننا نعيش  في بلاد منتشر فيها مرض الزعامات وبها وباء الفخامات وداء العظيمات وجرب التقزيمات بسبب العقول العقيمات المصابة بأمراض الزعامات ونداءات التخوينات وهلاوس التخزينات وهذاءات المؤامرات وبذاءات المهاترات وبراءات الترهات الشائكات والحزازات والمماحكات والمجادلات والمناكفات والخلافات التافهات والمصنفات بالمئات الولاءات لفئات إنها آفات الحروب التي أفسدت أخلاق القلوب وغيرت مبادئ النفوس وانحرفت طبائع الناس وظهرت الكثير من أمراض النفوس بسبب الحرب والجوع والمجاعة أصيبت مجموعة كبيرة من الأشخاص بمرض نفسي داخل المجتمع اليمني خاصة وعامة يسمى مرض الزعامة بسبب عجز الحكومة عن أداء واجبها تحول معظم شعبها إلى زعماء وهذا هو العماء عندما ترى مواطنيها مصابين بأمراض نفسية نتجة الحرب والعناء والتهميش والاقصاء أصبحت أمراض الزعامات منتشر في بعض المواطنين وهي نتيجة الحرب هناك أمراض نفسية وأخرى حالات طموحات تعسفية كانت تطمح بنضالها من أجل الوصول إلى السلطة لكنه أصبحت في هوة التهميش والاستباعد وأصبحت السلطة في يد عصابات همجية وأشخاص تولتها بعنجهية ولا تملك كفاءة تأهلية بل أصبحت السلطة هوشلية عندما ترى أشخاص تافهة كانت بلاطجية تحولت إلى شخصيات قيادية بيوم وليلة فأصبحت البلاد مولية إلى الورى وقائدها جاهل لا يقرأ ولا يكتب ومسئولها هازل لا يفكر ولا يقدر على ترتيب ذاته والزعامة منتشر بين الزعامات والقيادات تفحيط طقومات فوق الناس ورفس الشعب ومن ثَّم شطحات وشنبخات وثقافة الفخفخة والمنفخة وسخافة المسؤولية أبسط مسؤول فاعل نفسه هو الدولة بأكملها وأصبح المخذول محد ساعة والمنبوذ مفحطة بموكب ومدرعة والشعب الله معه يناقص شظف العيش أمهشي المسئول يعيش هكذا أغتنم الفرصة وفرشش بالصرفة وكثر الصفصفة وهرج في المواقع والشعب واقع في كبد المعاناة فلم قارب حديثه منتهاه بعد أن لب طلبي بأسلوبه الأدبي وكنت لكلامه أكتب فلما انتهاء ولى مدبرا ولم يعقب....



 
Top