المفرجي الحسيني
المــــــوت الســــــريع
-------------------------------
لا تمانع من ان ينظر اليها، وهي تنتفض كالعصفور، بين يديه،
انك تعتدي على نشواتي، نظل ننتفض،
يداه تحزمان جسدها، كما المرضعة تحيط طفلها بثدييها، الناضبين،
يهذي، خائف،
رؤية المسلحين، اصحاب اللحى، المتناثرة ،
تعيده الى قبو التحقيق،
اقتحموا غرفته،
وحده، ايقظوه مرعوبا، من غفوة متقطعة،
ظل يعاند القلق، يصارعه بحبوب منومة،
لم يكن مجال للحوار،
اسلحة واصابع متشنجة،
اعتادت عزف نشيد الموت،
الموت السريع،
يغادره الخوف،
يمتلئ وجهه بالسفر،
ابيض، يتساقط الثلج الى اطرافه،
جرّوه شبه عارٍ الى السيارة،
يهاجر الجسد البارد الى رعب الاطفال،
لا نك تنشقت الهواء، لأنك صرخت،
لأنك كنفناف ثلج ربيعي ، يتواعد على حبة الحنطة،
اخذوك الى الصمت،
تركوا الاصدقاء يتفرقون، فوق جدران الصور،
افتقدوا آخر تلك اللحظة الحرجة،
آخر غادر النداء الى الفرح النهائي،
يحملون المصاب الى السيارة، لم يعصبوا عينيه،
عيناه معصوبتان بأسواره، من الدم المتجمد،
لكنهم قبلها عصبوا آخر عينيه، ورموه في ارض السيارة،
وضعوا الاقدام فوقه، اجلسوه في المقعد الخلفي،
احاط صديقه بذراعيه،
الرأس ينحني الى الخلف، العين تخرج من الاذن،
حاول ان يسأل سؤال، رموه في القبو، بدأ الاستجواب،
ماذا فعلت ، ماذا ارتكبت،
سألهم بحيرة وانكسار، ماذا فعلت ، ماذا ارتكبت،
اكثركم من تلامذتي، هذه مقالاتي وكتبي،
هذه ندوب جروحي، هذه أثار السجون، يوم هتافاتي،
لماذا تخطفون القطط الجائعة في الظلام،
يدخل حذاءه بشدة وتوقف الكلمات، تتوقف الاسئلة،
متهم بالخيانة، يغص، ماذا تقول ولمن تقول،
العصفور يتغرغر بالأسئلة الخائفة،
اتصلت بالعدو والجواسيس،
يتحول الى عصفور مطلوب للعدالة،
يتغرغر العصفور بالحذاء،
انه اتصل بشقيقه في الساحل الثاني، ذات ليلة رعب،
لم يعد قادرا للاحتمال، هذا جحيم، غابة،
بكى العصفور، غادرني النوم، غادرني الزمان،
بكى والحذاء المدبب،
لا يلين تحت دموع العصفور،
الحذاء يسهل المهمة،
واللحية تنظف أظافر القدمين بقلم الاستجواب،
العصفور يستسلم، اقتلني ولا تتهمني بالخيانة،
كل شيء ممكن ، كل شيء مباح، يضحك من شدة وجعه وحزنه،
آه لو سمعك ابي وهو باع البقرات ، ليدفع قسط التعليم،
لو سمعك الدرب وهي تأكل من اقدامي،
لو سمعك الحرمان، لو سمعك الحق على ضوء السراج،
لا وقت للكلام، الاستجواب رسم رضوضه حول عينيه،
اللحية تقول للحذاء: ان العصفور ليس برجوازي،
تدخل الاصدقاء، تدخلت امه، خذوني بديلا، خذوني فدية،
وهو في الرمق الاخير، اعتذروا له، انهم من عناصر غير منضبطة،
اعتذر لهم انه ازعجهم، افرجوا عنه، غير ان حذاء المحقق يتوغل في نفسه، بقيت التهمة، بقيت الخيانة، بقيت الذاكرة
**********
المفرجي الحسيني
الموت السريع
العراق/بغداد
13/1/2021