بقلمي #ماجدة_رجب
#قطعة_حلوى
بدأ يختبئ شيئا فشيئا وراء صخب الكلام و الكلام يتلبّد على شفتيه لا يخرج ليغصّ بحنجرته...
تغيّرت نبرة صوته ،و أخذت ملامحه تتغير أيضا لتأخذ ملامح لا تعرفها سليمة من قبل ،،،أحسّت أنّ هناك خطبا ما،،،سكتت وابتعدت عن ناظره واتجهت إلى المطبخ بهدوء ،،لتجهز قهوتهما المعتادة ،،،
سليمة تعودت أن لا تناقشه أثناء ثورته،كان لا بدّ أن تنتظر الفرصة الملائمة لتتناقش معه في أمور قد لا يتفهمها وقت غضبه...
وضعت القهوة أمامه وسكبت بها قطرات من ماء الزهر لتعطرها ربما نكهة الزهر تهدئ من حالته،، ثمّ ابتسمت وكأن شيئا لم يكن ،،،
مسك مالك الفنجان يتفرسّه وكأنّ شيئا ما بداخله ،،يداه ترتجفان ،،وعيناه غائرتان ليستا كعادتهما،،نظرت إليه سليمة ومسكت يده بلطف
-- وقالت:يا مالك يا زوجي الحبيب، فنجانك يوحي بأنّ الفرج آت وهو قريب ،فلا تهتمّ ولا تيأس من رحمة الله فهو الرازق الوهاب وبيده كلّ شئ ،فلا تحزن ولاتيأس من رحمة المولى ،،،تذكر ما عانيناه حين تأخرنا لننجب إبنتنا الوحيدة زينب ،تذكّر صابة القمح بعد أن خسرنا كلّ شئ حين غمرت المياه أراضينا ،تذكر حين أوشكتُ على الموت حين نزل معدل سكري ذات ليلة ،،أنسيت ،،أنسيت كرم الله علينا؟؟؟
مالك اهدأ وتذكر ما أصابنا وكيف فرّج الله عنّا كل شئ وأصبحنا نعيش بفضله عيشة كريمة ،،، سبحانه ما أكرمه...
حينها تنهّد مالك تنهيدة تفلق الصخر استغفر استغفارا طويلا وقال:
بالله عليك يا سليمة فأنا الضعيف أمام الله وأمام ما راودتني من وساوس ..واستغفر مرة أخرى ثم قال:
لقد غفوت وأنا في العمل بقدر قصر زمن الإغفاءة بقدر كِبر الخطر الذي أحسسته منها، فقد حلمت حلما أفزعني وكأنّ بيتي يغرق في ماء عكر وخرجنا أنا وأنت بعد عناء طويل ،،سالمين والحمد لله ولكنّ ما أفزعني وأخافني ، إبنتك زينب ،كانت بيدك طفلة رضيعة تمسّح على خدك بيديها الصغيرتين وتكلّمك قائلة :سامحيني أمّاه ،سامحيني أمّاه وتطلب منك السّماح لمرّات وكأنّ بها خطب ما ،،فخفت خوفا ذريعا عليها ،خفتى أن تصاب إبنتنا بمكروه لا سمح الله أو يأخذ الله منا أمانته فنعود وحيدين كما كنّا ،،ونزلت دموعا حارة من عينيه،،،
اغرورقت عينا سليمة دمعا ومسحتها بسرعة حتى لا يلاحظها مالك وابتسمت ابتسامة مخنوقة وقالت:
هذا ما يحزنك يا رجل،استغفر خالقك وادعوه،،، والله لايرد الدعاء ،،،يا مالك، الله سبحانه وتعالى يعِظك، فلا بدّ أنك ابتعدت عنه هذه الأيام وشغلك عملك ،فأمّا خروجنا من الماء العكر فهو رحمة من الله فهو خروجك من الهموم ومن الديون التي كانت علينا وإما كلام طفلتنا فهو رد جميل وهداية من الله لتعود اليه أقرب مما كنت عليه ...
ادع الله يا زوجي العزيز بالفلاح والصلاح ولا تغتمّ فما دام قلبك جميل وطيب ومادمت تصدق و لا تنس المساكين فالله لن يخيّب ،رجاءك ولن يأخذ زهرتنا الجميلة زينب،،
حينها ابتسم مالك ابتسامة عريضة وكأن سليمة بكلامها الرطب أذابت كل الهم والغم من على قلبه فنادى زينب ولاعبها قليلا كعادته ثم وضع في كفّها قطعة من النقود ،وقال لها اذهبي بنيّتي واحضري بها ماشئت من حلويات...
بقلمي #ماجدة_رجب