وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم الى الشباب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 28-1-2019
كان الشباب في مكة يلهون و يعبثون ، أما محمد صلى الله عليه و سلم فكان يعمل ولا يتكاسل ؛ يرعى الأغنام طوال النهار، و يتأمل الكون و يفكر في خلق الله ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم - بعد أن أوتي النبوة - ذلك العمل ، فقال : ( ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم ) فقال أصحابه : و أنت ؟ قال : نعم ، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة ) [البخاري] . و كان الله - سبحانه - يحرسه ويرعاه على الدوام ؛ فذات يوم فكر أن يلهو كما يلهو الشباب ، فطلب من صاحب له أن يحرس اغنامه ، حتى ينزل مكة ويشارك الشباب في لهوهم ، وعندما وصل إليها وجد حفل زواج ، فوقف عنده ، فسلط الله عليه النوم ، ولم يستيقظ إلا في صباح اليوم التالي .
و عندما كانت قريش تجدد بناء الكعبة ، كان محمد صلى الله عليه وسلم ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباس عمه : اجعل إزارك على رقبتك يقيك الحجارة، ففعل، فخر إلى الأرض، وجعل ينظر بعينيه إلى السماء، ويقول: إزاري..
إزاري، فشد عليه، فما رؤى بعد ذلك عريانا.
وحين جاوز النبي صلى الله عليه وسلم العشرين من عمره أُتيحت له فرصة السفر مع قافلة التجارة إلى الشام، ففي مكة كان الناس يستعدون لرحلة الصيف التجارية إلى الشام، وكل منهم يعد راحلته وبضاعته وأمواله،
وكانت السيدة خديجة بنت خويلد - وهي من أشرف نساء قريش ، و أكرمهن أخلاقا ، و أكثرهن مالا- تبحث عن رجل أمين يتاجر لها في مالها ويخرج به مع القوم ، فسمعت عن محمد و أخلاقه العظيمة ، و مكانته عند أهل مكة جميعا ، و احترامهم له ؛ لأنه صادق أمين ، فاتفقت معه أن يتاجر لها مقابل مبلغ من المال ، فوافق محمد صلى الله عليه وسلم و خرج مع غلام لها اسمه ميسرة إلى الشام.
وتحركت القافلة في طريقها إلى الشام، وبعد أن قطع القوم المسافات الطويلة نزلوا ليستريحوا بعض الوقت، وجلس محمد صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، وعلى مقربة منه صومعة راهب، وما إن رأى الراهب محمدا صلى الله عليه وسلم حتى أخذ ينظر إليه ويطيل النظر، ثم سأل ميسرة: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال ميسرة : هذا رجل من قريش منأهل الحرم ، فقال الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي ، و باعت القافلة كل تجارتها ، و اشترت ما تريد من البضائع، وكان ميسرة ينظر إلى محمد ويتعجب من سماحته وأخلاقه والربح الكبير الذي حققه في مال السيدة خديجة. وفي طريق العودة حدث أمر عجيب، فقد كانت هناك غمامة في السماء تظل محمدا و تقيه الحر ، وكان ميسرة ينظر إلى ذلك المشهد ، و قد بدت على وجهه علامات الدهشة والتعجب، و أخيرا وصلت القافلة إلى مكة فخرج الناس لاستقبالها مشتاقين ؛ كل منهم يريد الاطمئنان على أمواله ، وما تحقق لهمن ربح ، و حكى ميسرة لسيدته خديجة ما رأى من أمر محمد، فقد أخبرها بما قاله الراهب، وبالغمامة التي كانت تظل محمدا في الطريق ؛ لتقيه من الحر دون سائر أفراد القافلة .
واستمعت السيدة خديجة إلى ميسرة في دهشة، وقد تأكدت من أمانة محمد صلى الله عليه وسلم و حسن أخلاقه ، فتمنت أن تتزوجه ، فأرسلت السيدة خديجة صديقتها نفيسة بنت منبه؛ لتعرض على محمد الزواج، فوافق محمد صلى الله عليه و سلم على هذا الزواج، وكلم أعمامه، الذين رحبوا ووافقوا على هذا الزواج، وساروا إلى السيدة خديجة يريدون خطبتها ؛ فلما انتهوا إلى دار خويلد قام أبو طالب عم النبي وكفيله يخطُب خُطبة العرس،
فقال: (الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل ، وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا ، و جعلنا أمناء بيته ، وسواس حرمه ، و جعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل شرفا و نبلا و فضلا ، وإن كان في المال قلا، فإن المال ظل زائل ، وقد خطب خديجة بنت خويلد و بذل لها من الصداق ما عاجله و آجله من مالي كذا وكذا، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل) و تزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة، وعاشا معا حياة طيبة موفقة، ورزقهما الله تعالى البنين والبنات، فأنجبت له ستة أولاد هم : زينب ، ورقية ، و أم كلثوم ، و فاطمة ، و عبدالله ، و القاسم ، و به يكنى الرسول فيقال: أبو القاسم.
وحينما اجتمعت قريش لإعادة بناء الكعبة، وأثناء البناء اختلفوا فيمن ينال شرف وضع الحجر الأسود في مكانه، واشتد الخلاف بينهم، وكاد أن يتحول إلى حرب بين قبائل قريش، ولكنهم تداركوا أمرهم، وارتضوا أن يُحكِّموا أول داخل عليهم وانتظر القوم، وكل واحد يسأل نفسه: ترى من سيأتي الآن؟ ولمن سيحكم؟ وفجأة تهللت وجوههم بالفرحة والسرور عندما رأوا محمدًا يقبل عليهم، فكل واحدٍ منهم يحبه ويثق في عدله وأمانته ورجاحة عقله وسداد رأيه، فهتفوا: هذا الأمين قد رضيناه حَكَما، وعرضوا عليه الأمر وطلبوا منه أن يحكم بينهم، فخلع الرسول صلى الله عليه وسلم رداءه ووضع الحجر عليه، ثم أمر رؤساء القبائل فرفعوا الثوب حتى أوصلوا الحجر إلى مكانه من الكعبة ، عندئذ حمله الرسول صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ووضعه مكانه، وهكذا كفاهم الله شر القتال.
ولذا فقد أوصى رسول الإنسانية صلوات ربي وسلامه عليه بالشباب فقال أوصيكم بالشباب خيراً. فإنهم أرق أفئدة.. لقد بعثني الله بالحنيفية السمحة.. فحالفني الشباب وخالفني الشيوخ رواه البخاري.
ومن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للشباب
1- الالتزام بطاعة الله وعبادته
ــــــــــــــــــــــــــــــ
عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال : ( يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح
وفي رواية الإمام أحمد : ( احفظ الله تجده أَمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة ، واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك ، وما أَصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أَن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسرِ يسرا ) .
قــال «خيـركم مــن يــرجى خيـره، ويؤمن شـره، وشـركم من لا يرجى خيره، ولا يؤمن شـره» رواه أحمد.
وقال ;: «المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب» رواه ابن ماجه.
وقال « المجاهد من جاهد نفسه في الله » رواه الترمذي.
وقال ;: «المسلم من سلم المسلون من لسانه ويده» رواه الطبراني.
وقال ;: «ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار؟ كل هيّـن ليّـن قريب سهل». رواه الترمذي.
قال «كن ورعاً تكن أعبد الناس، وكن قنعاً تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً، وأقلَّ الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب». رواه البيهقي في شعب الإيمان.
2- حفظ اللسان
ـــــــــــــــــ
وفي حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أخبرك بملاك ذلك كله ، قلت: بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه ، قال : كف عليك هذا ، فقلت: يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم .
3- طهارة النفس وعفتها
ـــــــــــــــــــ: عَنْ عَلْقَمَةَ ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَبْدِ الله بِمِنىً، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ، فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمٰن أَلا نُزُوِّجُكَ جَارِيَةٌ شَابَّةً، لَعَلَّهَا تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَىٰ مِنْ زَمَانِكَ. قَالَ فَقَالَ عَبْدُ الله: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ الله : «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِيعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاءٌ». رواه البخاري ومسلم .
الراوي: علقمة المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 5/208
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح والمرفوع منه رواه أصحاب الكتب الستة
روى الشيخان و الترمذي و النسائي و مالك و أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ : « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَ شَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ . وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ فأَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ » وفي رواية : ورجل معلق بالمسجد ، إذا خرج منه حتى يعود إليه
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1031خلاصة حكم المحدث: صحيح
روى البخاري و الترمذي وأحمد عَنِ عبد الله بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم : « نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، الصِّحَّةُ وَ الْفَرَاغُ.
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6412
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
قـال صلى الله عليه وسلم : « ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال النبي صلى الله عليه وسلم البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس
الراوي: النواس بن سمعان الكلابي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2389
خلاصة حكم المحدث: صحيح
» رواه مسلم.قال صلى الله عليه وسلم : « ثلاث مهلكات ، وثلاث منجيات ، وثلاث كفارات ، وثلاث درجات . فأما المهلكات : فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه . وأما المنجيات : فالعدل في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى ، وخشية الله تعالى في السر والعلانية . وأما الكفارات : فانتظار الصلاة بعد الصلاة ، وإسباغ الوضوء في السبرات ، ونقل الأقدام إلى الجماعات . و أما الدرجات : فإطعام الطعام ، و إفشاء السلام ، و الصلاة بالليل و الناس نيام
» رواه الطبراني.
والناظر إلى الرجال الذين دخلوا الإسلام وتحملوا نشره يجدهم شبابا . أبو بكر الصديق كانت سنه حينما دخل الإسلام 37 سنة. عمر بن الخطاب كانت سنه حينما دخل الإسلام 26 سنة . عثمان بن عفان كانت سنه حينما دخل الإسلام 20 سنة . علي بن أبي طالب كانت سنه حينما دخل الإسلام 8 سنوات . عبد الرحمن بن عوف كانت سنه حينما دخل الإسلام في حدود الثلاثين . أبو عبيدة بن الجراح كانت سنه حينما دخل الإسلام 27 سنة . والزبير بن العوام كانت سنه حينما دخل الإسلام 18سنوات . طلحة بن عبيد الله كانت سنه حينما دخل الإسلام 11 عاما . سعد بن أبي وقاص كانت سنه حينما دخل الإسلام 17 سنة . عبد الله بن مسعود كانت سنه حينما دخل الإسلام 14 سنة . الأرقم بن أبي الأرقم كانت سنه حينما دخل الإسلام 12 سنة . سعيد بن زيد كانت سنه حينما دخل الإسلام 19 سنة . جعفر بن أبي طالب كانت سنه حينما دخل الإسلام 18 عاماً . صهيب الرومي كانت سنه حينما دخل الإسلام دون العشرين . زيد بن ثابت كانت سنه حينما دخل الإسلام دون العشرين . خباب بن الأرت كانت سنه حينما دخل الإسلام 20 سنة . عامر بن فهيرة كانت سنه حينما دخل الإسلام 3 2 عاما . مصعب بن عمير كانت سنه حينما دخل الإسلام 24 عاماً . المقداد بن الأسود كانت سنه حينما دخ الإسلام 24 سنة . بلال بن رباح كانت سنه حينما دخل الإسلام في حدود الثلاثين . عثمان بن عفان كانت سنه حينما دخل الإسلام في حدود الثلاثين . عمار بن ياسر كانت سنه حينما دخل الإسلام فيما بين الثلاثين والأربعين . حمزة بن عبد المطلب كانت سنه حينما دخل الإسلام 42 عاماً . وللشباب أقول : أهدي الشباب تحية الإكبار هم كنزنا الغالي و ذخر الدار ما كان أصحاب النبي محمد إلا شبابا شامخ الأفكار يا شباب الدين يا حصن العلا أهديك حب الحب في الأشعار من يجعل الإيمان رائد يفز بكرامة الدنيا و عقبى الدار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 28-1-2019
كان الشباب في مكة يلهون و يعبثون ، أما محمد صلى الله عليه و سلم فكان يعمل ولا يتكاسل ؛ يرعى الأغنام طوال النهار، و يتأمل الكون و يفكر في خلق الله ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم - بعد أن أوتي النبوة - ذلك العمل ، فقال : ( ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم ) فقال أصحابه : و أنت ؟ قال : نعم ، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة ) [البخاري] . و كان الله - سبحانه - يحرسه ويرعاه على الدوام ؛ فذات يوم فكر أن يلهو كما يلهو الشباب ، فطلب من صاحب له أن يحرس اغنامه ، حتى ينزل مكة ويشارك الشباب في لهوهم ، وعندما وصل إليها وجد حفل زواج ، فوقف عنده ، فسلط الله عليه النوم ، ولم يستيقظ إلا في صباح اليوم التالي .
و عندما كانت قريش تجدد بناء الكعبة ، كان محمد صلى الله عليه وسلم ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباس عمه : اجعل إزارك على رقبتك يقيك الحجارة، ففعل، فخر إلى الأرض، وجعل ينظر بعينيه إلى السماء، ويقول: إزاري..
إزاري، فشد عليه، فما رؤى بعد ذلك عريانا.
وحين جاوز النبي صلى الله عليه وسلم العشرين من عمره أُتيحت له فرصة السفر مع قافلة التجارة إلى الشام، ففي مكة كان الناس يستعدون لرحلة الصيف التجارية إلى الشام، وكل منهم يعد راحلته وبضاعته وأمواله،
وكانت السيدة خديجة بنت خويلد - وهي من أشرف نساء قريش ، و أكرمهن أخلاقا ، و أكثرهن مالا- تبحث عن رجل أمين يتاجر لها في مالها ويخرج به مع القوم ، فسمعت عن محمد و أخلاقه العظيمة ، و مكانته عند أهل مكة جميعا ، و احترامهم له ؛ لأنه صادق أمين ، فاتفقت معه أن يتاجر لها مقابل مبلغ من المال ، فوافق محمد صلى الله عليه وسلم و خرج مع غلام لها اسمه ميسرة إلى الشام.
وتحركت القافلة في طريقها إلى الشام، وبعد أن قطع القوم المسافات الطويلة نزلوا ليستريحوا بعض الوقت، وجلس محمد صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، وعلى مقربة منه صومعة راهب، وما إن رأى الراهب محمدا صلى الله عليه وسلم حتى أخذ ينظر إليه ويطيل النظر، ثم سأل ميسرة: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال ميسرة : هذا رجل من قريش منأهل الحرم ، فقال الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي ، و باعت القافلة كل تجارتها ، و اشترت ما تريد من البضائع، وكان ميسرة ينظر إلى محمد ويتعجب من سماحته وأخلاقه والربح الكبير الذي حققه في مال السيدة خديجة. وفي طريق العودة حدث أمر عجيب، فقد كانت هناك غمامة في السماء تظل محمدا و تقيه الحر ، وكان ميسرة ينظر إلى ذلك المشهد ، و قد بدت على وجهه علامات الدهشة والتعجب، و أخيرا وصلت القافلة إلى مكة فخرج الناس لاستقبالها مشتاقين ؛ كل منهم يريد الاطمئنان على أمواله ، وما تحقق لهمن ربح ، و حكى ميسرة لسيدته خديجة ما رأى من أمر محمد، فقد أخبرها بما قاله الراهب، وبالغمامة التي كانت تظل محمدا في الطريق ؛ لتقيه من الحر دون سائر أفراد القافلة .
واستمعت السيدة خديجة إلى ميسرة في دهشة، وقد تأكدت من أمانة محمد صلى الله عليه وسلم و حسن أخلاقه ، فتمنت أن تتزوجه ، فأرسلت السيدة خديجة صديقتها نفيسة بنت منبه؛ لتعرض على محمد الزواج، فوافق محمد صلى الله عليه و سلم على هذا الزواج، وكلم أعمامه، الذين رحبوا ووافقوا على هذا الزواج، وساروا إلى السيدة خديجة يريدون خطبتها ؛ فلما انتهوا إلى دار خويلد قام أبو طالب عم النبي وكفيله يخطُب خُطبة العرس،
فقال: (الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل ، وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا ، و جعلنا أمناء بيته ، وسواس حرمه ، و جعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل شرفا و نبلا و فضلا ، وإن كان في المال قلا، فإن المال ظل زائل ، وقد خطب خديجة بنت خويلد و بذل لها من الصداق ما عاجله و آجله من مالي كذا وكذا، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل) و تزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة، وعاشا معا حياة طيبة موفقة، ورزقهما الله تعالى البنين والبنات، فأنجبت له ستة أولاد هم : زينب ، ورقية ، و أم كلثوم ، و فاطمة ، و عبدالله ، و القاسم ، و به يكنى الرسول فيقال: أبو القاسم.
وحينما اجتمعت قريش لإعادة بناء الكعبة، وأثناء البناء اختلفوا فيمن ينال شرف وضع الحجر الأسود في مكانه، واشتد الخلاف بينهم، وكاد أن يتحول إلى حرب بين قبائل قريش، ولكنهم تداركوا أمرهم، وارتضوا أن يُحكِّموا أول داخل عليهم وانتظر القوم، وكل واحد يسأل نفسه: ترى من سيأتي الآن؟ ولمن سيحكم؟ وفجأة تهللت وجوههم بالفرحة والسرور عندما رأوا محمدًا يقبل عليهم، فكل واحدٍ منهم يحبه ويثق في عدله وأمانته ورجاحة عقله وسداد رأيه، فهتفوا: هذا الأمين قد رضيناه حَكَما، وعرضوا عليه الأمر وطلبوا منه أن يحكم بينهم، فخلع الرسول صلى الله عليه وسلم رداءه ووضع الحجر عليه، ثم أمر رؤساء القبائل فرفعوا الثوب حتى أوصلوا الحجر إلى مكانه من الكعبة ، عندئذ حمله الرسول صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ووضعه مكانه، وهكذا كفاهم الله شر القتال.
ولذا فقد أوصى رسول الإنسانية صلوات ربي وسلامه عليه بالشباب فقال أوصيكم بالشباب خيراً. فإنهم أرق أفئدة.. لقد بعثني الله بالحنيفية السمحة.. فحالفني الشباب وخالفني الشيوخ رواه البخاري.
ومن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للشباب
1- الالتزام بطاعة الله وعبادته
ــــــــــــــــــــــــــــــ
عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال : ( يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح
وفي رواية الإمام أحمد : ( احفظ الله تجده أَمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة ، واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك ، وما أَصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أَن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسرِ يسرا ) .
قــال «خيـركم مــن يــرجى خيـره، ويؤمن شـره، وشـركم من لا يرجى خيره، ولا يؤمن شـره» رواه أحمد.
وقال ;: «المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب» رواه ابن ماجه.
وقال « المجاهد من جاهد نفسه في الله » رواه الترمذي.
وقال ;: «المسلم من سلم المسلون من لسانه ويده» رواه الطبراني.
وقال ;: «ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار؟ كل هيّـن ليّـن قريب سهل». رواه الترمذي.
قال «كن ورعاً تكن أعبد الناس، وكن قنعاً تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً، وأقلَّ الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب». رواه البيهقي في شعب الإيمان.
2- حفظ اللسان
ـــــــــــــــــ
وفي حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أخبرك بملاك ذلك كله ، قلت: بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه ، قال : كف عليك هذا ، فقلت: يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم .
3- طهارة النفس وعفتها
ـــــــــــــــــــ: عَنْ عَلْقَمَةَ ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَبْدِ الله بِمِنىً، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ، فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمٰن أَلا نُزُوِّجُكَ جَارِيَةٌ شَابَّةً، لَعَلَّهَا تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَىٰ مِنْ زَمَانِكَ. قَالَ فَقَالَ عَبْدُ الله: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ الله : «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِيعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاءٌ». رواه البخاري ومسلم .
الراوي: علقمة المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 5/208
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح والمرفوع منه رواه أصحاب الكتب الستة
روى الشيخان و الترمذي و النسائي و مالك و أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ : « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَ شَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ . وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ فأَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ » وفي رواية : ورجل معلق بالمسجد ، إذا خرج منه حتى يعود إليه
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1031خلاصة حكم المحدث: صحيح
روى البخاري و الترمذي وأحمد عَنِ عبد الله بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم : « نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، الصِّحَّةُ وَ الْفَرَاغُ.
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6412
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
قـال صلى الله عليه وسلم : « ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال النبي صلى الله عليه وسلم البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس
الراوي: النواس بن سمعان الكلابي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2389
خلاصة حكم المحدث: صحيح
» رواه مسلم.قال صلى الله عليه وسلم : « ثلاث مهلكات ، وثلاث منجيات ، وثلاث كفارات ، وثلاث درجات . فأما المهلكات : فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه . وأما المنجيات : فالعدل في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى ، وخشية الله تعالى في السر والعلانية . وأما الكفارات : فانتظار الصلاة بعد الصلاة ، وإسباغ الوضوء في السبرات ، ونقل الأقدام إلى الجماعات . و أما الدرجات : فإطعام الطعام ، و إفشاء السلام ، و الصلاة بالليل و الناس نيام
» رواه الطبراني.
والناظر إلى الرجال الذين دخلوا الإسلام وتحملوا نشره يجدهم شبابا . أبو بكر الصديق كانت سنه حينما دخل الإسلام 37 سنة. عمر بن الخطاب كانت سنه حينما دخل الإسلام 26 سنة . عثمان بن عفان كانت سنه حينما دخل الإسلام 20 سنة . علي بن أبي طالب كانت سنه حينما دخل الإسلام 8 سنوات . عبد الرحمن بن عوف كانت سنه حينما دخل الإسلام في حدود الثلاثين . أبو عبيدة بن الجراح كانت سنه حينما دخل الإسلام 27 سنة . والزبير بن العوام كانت سنه حينما دخل الإسلام 18سنوات . طلحة بن عبيد الله كانت سنه حينما دخل الإسلام 11 عاما . سعد بن أبي وقاص كانت سنه حينما دخل الإسلام 17 سنة . عبد الله بن مسعود كانت سنه حينما دخل الإسلام 14 سنة . الأرقم بن أبي الأرقم كانت سنه حينما دخل الإسلام 12 سنة . سعيد بن زيد كانت سنه حينما دخل الإسلام 19 سنة . جعفر بن أبي طالب كانت سنه حينما دخل الإسلام 18 عاماً . صهيب الرومي كانت سنه حينما دخل الإسلام دون العشرين . زيد بن ثابت كانت سنه حينما دخل الإسلام دون العشرين . خباب بن الأرت كانت سنه حينما دخل الإسلام 20 سنة . عامر بن فهيرة كانت سنه حينما دخل الإسلام 3 2 عاما . مصعب بن عمير كانت سنه حينما دخل الإسلام 24 عاماً . المقداد بن الأسود كانت سنه حينما دخ الإسلام 24 سنة . بلال بن رباح كانت سنه حينما دخل الإسلام في حدود الثلاثين . عثمان بن عفان كانت سنه حينما دخل الإسلام في حدود الثلاثين . عمار بن ياسر كانت سنه حينما دخل الإسلام فيما بين الثلاثين والأربعين . حمزة بن عبد المطلب كانت سنه حينما دخل الإسلام 42 عاماً . وللشباب أقول : أهدي الشباب تحية الإكبار هم كنزنا الغالي و ذخر الدار ما كان أصحاب النبي محمد إلا شبابا شامخ الأفكار يا شباب الدين يا حصن العلا أهديك حب الحب في الأشعار من يجعل الإيمان رائد يفز بكرامة الدنيا و عقبى الدار