GuidePedia

الباحث محمود محمد سهيل الجبوري  ــ العراق ــ بابل

اعلام النهضة في العراق 
                            1 ــ المقدّمة
النهضة الفكرية بالعراق تنبع من حيث يوجد العلم و الثقافة والفكر في حواضره في مدن العراق الكبيرة والتي تضم الطبقة المتنورة من رجال الدين والفكر والأدب ، اذ كانت بؤرة تجمّع فيها نخبة من المثقفين المتنورين نهاية العهد العثماني و اثناء الأحتلال البريطاني للعراق ،  انطلق رجال النهضة  من المدارس الدينية والبعض منهم  من خارج المنظومة الدينية من المتأثّرين بالأفكار الحديثة و ممن درسوا في جامعات الغرب وبعض الشعراء الذين جمعوا بين الأدب و الأصلاح ، اعلام النهضة في العراق تأثّروا برجال النهضة المصرية كالأفغاني ومحمد عبده و الطهطاوي و دافعوا عن تربة العراق خلال العهدين العثماني و البريطاني و وقفوا ضد الأنظمة السياسية الموالية للأستعمار والمحتل ّ .
              2 ــ الشيخ النّائيني (1857 ـــ 1936)
هو الشيخ محمد حسين بن عبد الرحيم النّائيني ، ولد في اصفهان بإيران و هاجر الى العراق 1885 و درس عند السيّد (اسماعيل الصدر) في سامرّاء ثمّ انتقل الى كربلاء و استقرّ بالنجف ، و هو فقيه و مرجع  ، عاصر الأحتلالين العثماني و البريطاني في العراق و عليه ان يدافع عن ارض العراق و مقدّساته بإعتباره بلد اسلامي ، شارك في الجهاد ضدّ بريطانيا ، كان احد ثلاثة مراجع قادوا الحركة الأستقلالية بالعراق من 1921ـــ 1924 ، تمّ تسفيره الى ايران 1923 بسبب مواقفه الرافضة لمشاريع الأستعمار و الأحتلال ، اعتبر انّ فكرة الأستبداد تتنافى مع اصل التوحيد و مع قواعد الشريعة الأسلامية ، كان على صلة وثيقة بالسيّد جمال الدين الأفغاني و تأثّر به و بكتاب الكواكبي ، تأثّر بالفكر الأوربي الحديث و يعترف بأخذه من الأوربيين ( هذه بضاعتنا ردّت الينا ) و يقصد بعد الحروب الصليبية بسبب الجهل و التخلّف لعدم تمدّنهم و افتقارهم للعلم الذي اخذوه منّا ، تصدّى لبقايا التحجّر و الأنغلاق ، طرح فكرة ولاية الفقيه ، اوّل كتاب اصدره هو ( ريادة في الفقه السياسي الأسلامي ) ثمّ اصدر كتاب ( تنبيه الأمّة و تنزيه الملّة ) 1909 و هو نقلة نوعية في الفقه السياسي ، اضطرّ الى سحبه من الأسواق فوضع مبلغا معينا مقابل كل نسخة مسترجعة بعد ان ثارت ثائرة العوّام و رجال الدين التقليديين ، تخرّج على يديه كبار الفقهاء المراجع ، توفي و دفن بالنجف .
               2 ــ الشيخ جعفر النقدي ( 1885 ــ 1950)
فقيه و مجتهد ، من روّاد الأصلاح الديني في العراق ، عمل في مجلس التمّييز الشرعي ببغداد ، نقل الى محكمة التّمييز في الحلة ، له 28 مؤلف  .
            3 ــ الشيخ عبد الكريم الماشطة ( 1881ــ 1959)
رجل دين من الحلّة ، احد روّاد التنوير في العراق ، والده ( عبد الرضا) له مجلس ثقافي في الحلّة ، تأثّر برفاعة الطهطاوي و الأفغاني و محمد عبدة ، انتصر لقضية التعليم ، اصدر مجلّة العدل بعدد واحد فقط 1938 ، اصدر جريدة القافلة 1959 ، له دور في تأسيس حركة انصار السلم ، انتخب عضو في المجلس الوطني لأنصار السلم في العراق 1959 ، افكاره تحمل قيم وطنية و انسانية .
               4 ــ د. نوري جعفر ( 1914 ــ 1991)
علّامة من البصرة ، من روّاد التنوير و الأصلاح في العراق ، اكاديمي ، حصل على الماجستير و الدكتوراه بخمس سنوات من اميركا ، استاذه الفيلسوف (جون ديوي) ابو البراغماتية ، لديه 36 مؤلف ، متخصص في علوم التربية ، هاجر الى ليبيا ، له نظرية في الذكاء ، له فرضية النبوغ و الأبتكار ، له نظرية في الدوافع النفسيّة ، له مقولة ( الثورة الحقيقية هي في الصفّ الذي يعلّمك الثورة و يعلّمك كيف تصنع الثورات ) ، نال لقب خامس عالم في الكون 1977 ،اوّل عالم عراقي في مجال نظريات الأبداع و آليات الدماغ ، رفض ان يكون مستشار للرئيس العراقي احمد حسن البكر.
           5 ــ هبة الدين الشهرستاني ( 1883 ــ 1967)
هو السيّد محمد علي بن حسين الحسيني الشهرستاني ، فقيه و مجتهد ، وزير المعارف في العراق من 1921 ـــ 1922 ، انشأ علاقات مع مفتي مصر الشيخ ( محمد عبدة) و رؤساء مجلّات المقتطف و الهلال ، افتتح مدرسة الأصلاح و الأسلام في البحرين ، اصدر مجلة العلم 1910 لمدّة سنتين ، نحى فيها منحى اصلاحي لم تألفه الحوزة العلمية من قبل فهاجم بعض التقاليد و العادات و بعض الحالات التي تعوّد الناس عليها و قدّسوها و هي دخيلة على الدين و الحوزة فأيّده الشيخ ( محمد حسين كاشف الغطاء) ، هرب خارج العراق ، اسس مكتبة الجوادين في الكاظمية ، من مجاهدي ثورة العشرين ، سجنه الأنكليز تسعة اشهر ، نقل الى منصب رئيس مجلس التمييز الجعفري .
          6 ــ الشيخ محمد رضا المظفّر (1917ــ 1946)
فقيه و مجتهد ، من عائلة علمية نجفيّة ، احد تلاميذ الشيخ (النّائيني) ، قام بعمليّة اصلاح و تجديد الفكر الديني و محاولة اصلاح المؤسسة الدينيّة المنتجة للفكر الديني ، ولع بالرياضيّات و الفلك والعروض والفلسفة ، الّف كتاب في العروض 1924 ، من مؤسسي جمعيّة منتدى النشر بالنجف 1935 ، مؤسس كليّة الفقه في النجف 1957 و هي كليّة اكاديمية يدرّس فيها الفقه المقارن و الفلسفة و التاريخ والنحو و لغة اجنبيّة ، من طلّابه الشيخ (د. احمد الوائلي) و الشاعر ( مصطفى جمال الدين ) والمصلح الشهيد ( محمد محمد صادق الصدر) .
        7 ــ الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ( 1877ــ 1954)
فقيه و مرجع ، من عائلة علميّة نجفيّة ، شاعر و مصلح ، من المدرسة الفكريّة التي ظهرت بالنجف و التي دعت الى الأصلاح و المعرفة العلميّة و تحكيم العقل في القضايا الفقهيّة ، ذو عقل اصلاحي مجتمعي و يعلم ان المشروطيّة ضرورة امام الأستبداد العثماني ، موقفه من المشروطيّة موقف معتدل و اصلاحي ، افتى بالنفير العام 1914 ( على كل متمكّن من الدفاع ) عند دخول القوات البريطانيّة للعراق ، اراد توحيد العرب و المسلمين ضد الأستعمار و الصهيونيّة ، حضر المؤتمر الأسلامي في القدس 1931 و كانت رسالة المؤتمر ان ّ مذهب الأماميّة بعيد عن التعصّب و القطيعة مع المسلمين و العرب ، امّ المصلّين في القدس بمختلف مذاهبهم في زمن مفتي القدس ( امين الحسيني) ، المؤتمر كان رسالة لأبناء البلاد الأسلاميّة و العربيّة الى ضرورة نبذ الخلافات و القطيعة ، له 36 مؤلف .
          8 ــ العلّامة د. طه الراوي ( 1890 ـــ 1946)
من اعلام اليقظة الفكريّة بالعراق ، احد علماء اللغة العربيّة ، درس في كليّة الأمام الأعظم 1910 ، تتلمذ على يد علماء عصره ( محمود الآلوسي) و ( سعيد الدوري) و( عباس حلمي القصّاب) ، تخرج من دار المعلمين ببغداد 1917 ، تخرّج من مدرسة الحقوق 1925 ، اصبح استاذ في دار المعلّمين العاليّة فيما بعد ، مدير المطبوعات 1926 ، مدير عام المعارف 1937 ، عضو المجمع العلمي العربي بدمشق 1933 .
         9 ــ محمد باقر الصدر (1935 ـــ 1980)
فقيه و مرجع ، مفكّر و فيلسوف ، ولد في الكاظميّة بالعراق ، بدأ دراسة العلوم الدينيّة على يد اخيه ( اسماعيل الصدر) ، هاجر الى النجف 1948 و درس على يد الشيخ (محمد رضا آل ياسين) و السيّد (الخوئي) ، حصل على الأجتهاد 1953 ، اصبح مرجع للتقليد 1975 ، اصدر كتاب (فلسفتنا )1959 و ابرز فيه قوّة الفلسفة الأسلاميّة بتفسير الكون و الحياة و كان تصدّيا رائعا لتحدّي الفلسفة المادّية التي تمثّل المذهب التجريبي ، كان يمثّل المذهب العقلي و نجح عن طريقه في الردّ على المذهب التجريبي ، صاحب مدرسة اصوليّة تتميّز بالشمول و العمق و السعة ، اسس مذهب جديد في نظريّة المعرفة اسماه المذهب الذاتي و هو مذهب ثالث في نظريّة المعرفة ، استطاع ان يعالج ما عجز عنه المذهبان التجريبي و العقلي ، اصبح رائد المعرفة البشريّة بعد الفيلسوف اليوناني (ارسطو) ، سبب كتابته لكتابه (الأسس المنطقيّة للأستقراء) حتّى يبدأ الغرب يأخذ عنّا ، اكّد على اهميّة العقل في استنباط الحكم الشرعي ، قام بعملية اصلاح او تجديد الفكر الديني و محاولة اصلاح المؤسسة الدينيّة المنتجة للفكر الديني ، مشروع (محمد باقر الصدر) للنهوض و التنمية خاض مقارعة طويلة ذات طابع فكري فلسفي شامل ضد البنية الفكرية للغرب و هي منظومة افكار كتب (فلسفتنا) و (اقتصادنا) و (البنك اللاربوي في الأسلام) و (الأسس المنطقية للإستقراء) ، يقترح تصوّر شامل لتأسيس مشروع نهضوي اسلامي ينطلق من عدّة مسارات يتمثّلها المسار النقدي بأعتبار انّ العقل النقدي هو العقل القادر على انتاج الأسئلة ، يرى انّ الأصلاح ظاهرة اجتماعية و الشخصيّة الأصلاحية هي التي تستطيع ان تحقق توازن دقيق بين القدرات الذاتيّة و بين التحرّك الميداني ، شخصيّة الصدر توازن بين القدرات الذاتيّة و بين التحرّك الميداني ، يرى انّ هناك شكلين من الأصلاح 1ــ الأصلاح الآني يعيش لفترة محدودة و لا يمتدّ الى المستقبل حتّى يتوقّف 2ــ الأصلاح الحتمي يزرع جذوره عميقا في الواقع و يفرض نتائجه في فترة المصلح و بعد وفاته و هذا واضح في آثار اهل البيت و تلامذتهم و اتباع مدرستهم مثل الشهيد الصدر ، انطلق في مشروع الأصلاح الحتمي الذي يحتاج الى نظرة ثاقبة تتجاوز حدود الزمن لترمق المستقبل بنفس الوضوح الذي تنظر فيه الى الحاضر ، الأصلاح الحتمي يؤسس لمنهاج اصلاحي و ليس مجرد عمل اصلاحي ، يرى انّ المطلوب هو اعتماد تربية اصلاحيّة في مدارسنا و معاهدنا العلميّة و في كتاباتنا الثقافيّة وفق منهجيّة علميّة مدروسة ، النهضة الأصلاحيّة لا تتحقق الّا من خلال التربية المنهجيّة التي تخلق جوّ عام و حالة سائدة في مجتمعنا المسلم ، الشهيد الصدر يحاول الوصول بالأصلاح الى الحالة الجماهيريّة و ذلك من خلال التأكيد على دور الشخصيّة الرساليّة و المبلّغ الأسلامي المرتبط بالمرجعيّة ، مواصفات شخصيّة المصلح و المجدّد لديه هي 1 ــ المرجعيّة عنده وسيلة و ليس هدف 2 ــ مرجعيّته هي جزء من المشروع الأصلاحي العام و الشامل 3 ــ المشروع الأصلاحي يستلزم احداث اصلاح في الجامعة الأسلاميّة ،يرى انّه من الممكن ان نصنع عالم لكن ليس بالضرورة ان نجعل منه مصلح ، الشهيد الصدر كان يمتلك قدرة عقليّة نادرة و يحمل هدف اصلاحي شمولي .
           10 ـــ المفكّر عبد الفتّاح ابراهيم (1904 ــ 2003)
ولد بالناصريّة ، درس في الجامعة الأمريكيّة ببيروت 1930 ، درس الأقتصاد في جامعة كولومبيا بأميركا، شارك في تأسيس نادي بغداد 1934، اصدر مع اصدقائه مجلة العصر الحديث 1937 ، اسس جماعة الأهالي ، من مؤسسي مؤسسة الرابطة الثقافية 1944 ، اسس حزب الأتحاد الأشتراكي 1946، احد ابرز روّاد الحركة الديمقراطية و الفكر العلماني و العلمي في العراق ، احد علماء الأجتماع العرب ، رائد الفكر الأجتماعي بالعراق ، مؤلفاته 1ـ على طريق الهند 2ــ دراسات في علم الأجتماع 3 ــ الأجتماع و الماركسيّة 4ــ مذكرات المهاتما غاندي ، اعجب بالنهضة التي حقّقها (اتاتورك) و وصف هذه النهضة بأنّها كانت جمهوريّة و قوميّة و شعبيّة و علمانيّة و دوليّة و ثوريّة ، كان علماني معتدل لا يرفض التراث برمّته بل يجده خزينا معرفيّا يمكن الأفادة منه في الحاضر و بناء المستقبل ، ينفتح على المختلف من خلال كتابه (الطريق الى الهند) و(الأجتماع و الماركسيّة) ، يرى انّ اهم ماجائت به الحضارة الأوربيّة هو الأصلاح الديني المتمثّل بثورة (مارتن لوثر) على الكنيسة ، ترك العمل السياسي 1963 .
             11 ــ د.علي الوردي (1913ــ1995)
عالم اجتماع تخرّج من الجامعة الأمريكية ببيروت ، دكتوراه من جامعة تكساس الأمريكيّة 1950 ، تأثّر بمنهاج (ابن خلدون)في علم الأجتماع ، مؤسس تيّار بحثي عربي في علم الأجتماع ، تأثّر به كل من 1 ــ د.علي شريعتي(ايران) 2ــ الصادق النيهوم (ليبيا) 3ــ هادي العلوي(العراق) 4ــ محمد جابر الأنصاري(العراق) ، السياسي العراقي (نوري سعيد) طلب منه يشغل وزارة و يترك الهرج والمرج فردّ عليه ( باشا الكتابة لا تجتمع مع الوظيفة ) ، قال له رئيس جامعة تكساس 1950 عند تقديم الشهادة ( ايّها الدكتور الوردي ستكون الأوّل في مستقبل علم الجتماع ) ، لم يتّفق مع الشيوعيين و القوميين و الوجوديين ، رجل الدين (الخالصي ) هدر دمه ، سحبت كتبه من المكتبات معظمها بقانون السلامة الفكريّة ، تعرّض للأغتيال مرّتين ، ( نوري سعيد) اصدر امر بمصادرة كتاب ( وعّاظ السلاطين) و سحب من المكتبات و منع من التّداول ثمّ اعتقل ثلاثة ايّام في مركز شرطة الأعظميّة . 
 الباحث محمود محمد سهيل الجبوري  ــ العراق ــ بابل
 
Top