بقلم الشاعر إسماعيل هموني
في الليل أطير مع كل لحظة أصب بها أنفاسي قطرات من سندس على كفيك .
لا شيء يهفو كالليل تحت أنواء حوضك. كل الأصوات في الليل تتواتر داخليا ؛
وتكشف عن تجلياتها كلما تراقصت في السطوع بقايا الانخطــاف . .
الليل يعلمك الطيران ؛وأنت في مكانك تراقب هبوب الوداعة من حقل توالت عليه
الغراس على إيقاع الضوء . هل يطير بك الليل أم تتدلى أصداء الغلال على رخام
يضيء كالنجوم ؟
الليل بحر مضيء ؛ على سرته يغفو الشوق هانئا بألق الصباح . (هل تعبر
الليل وحيدا؟) عدلت بساط الليل ؛ورحلت في سكينة إلى صفاء المقام حتى
اختبر طاعتي له .
الليل رداء الكون ؛به يعدل الملسوع دمعته الأخيرة .
ويعود إلى عقله بعدما تقطعت نياط قلبه حرقة على محبوبه في خلوته.
في الليل يتهادى الوهم إلى العقول ؛ و يتضافران في ألفتهما على تدابير
السير معا في تشاريق البين.
لم كلما أينعت الصبابة؛ وترعرعت إلا كان الليل زيتها المضيء ؟
ففيه تسعى إلى أن تكون سليلة العتمات غيرخائرة القوى حتى تنجو من
تخثر الصباح في نداء اللوعة الحارق.
في الليل جغرافيا من أنساب الوشوشات تعبر المتاهات ؛ وتحط رحالها على
على أنفاس تكبر في دم الزمن ؛ولا ينطفيء زيتها في أوراد الليل .
كأني احتلب ليلي من فراديس وجداني ؛ ألون أقماره بلون الياسمين ثم أحفظ لون
الليل في جيوب البلاغة حتى يضيء المعنى سلاف الروح . ويشع من لغتي زهو
الأغصان كشفيف الضحكات .
لا يعرف الليل سطوة البياض إلا حينما تمشي امرأة على رؤوس أصابعها متسللة
إلى لاوعي رجل ظل محاطا بخفة العتمات أو مخاطا بحروف الضباب المتكلسة في
تلال بعيدة . في الليل تطبخ الذكريات ؛ وتجلس وحيدة ترتقب أنفاس الفجر حتى
تسمع مذيع نشرة الأخبار يعلن قيلولة باردة على ناصية النهار.
أعرف الليل حين أجالس ظل المعاني في شفيف عينيك ؛ وأسافر كالضوء في
مواكب الفرح كأن التواطؤ يساوي أوتار الزمن السريع ونهايات الخريف.
في الليل ؛
أجمع كل التشظي؛ وأهز الأرض ؛ولا أنحني سوى لنداء يحتضن كل النساء.
