GuidePedia


View : counter

كتبت في 25/أغسطس /2018 خوبر
كتبها السفير/الأديب د.عبدالمجيد محمد باعباد
                      ((المقامة الطلابية))
حكى الطالب باعباد قال:درست في جامعة عدن،أربع سنين وأنا أكابد الفتن،وأتجرع المعاناة والمحن،وأتصكع من الكلية الى السكن،وكان تخصصي مرموق،درست في كلية الحقوق، القانون وكنت ممنون، في قراءة العلم والمتون،وكانت حالتي المادية بسيطة،وإحتياجاتي مستعطية، وخزينتي مدقعة،ومصارفي ممتنعة،ودخلي شحيح، وخرجي فسيح،وتكاليفي باهضة،وفلوسي منقرضة،وبئر دلوي عميقة، وثروتي معيقة، ومحفظتي فارغة،ولكن عقليتي نابغة،وبرغم أنف الجعجعة،كنت الأول على الدفعة، فكنت لا أرى مكتبا إلا قصدته، ولا قسما إلا جبته ،ولا دكتورا إلا فهمته، ولا أستاذا إلا عرفته، ولا معيدا إلا رقمته، ولا معلما إلا ناقشته، ولا محاضرا إلا أدهشته، ولا طلابا إلا صاحبته، ولا تلميذا إلا زاملته، ولا أكادميا إلا لزمته،ولا مثقفا إلا جالسته ولا مقعدا إلا جلسته،ولا كرسيا إلا قعدته،ولا درسا إلا وعيته، ولا شرحا إلا حضرته، ولا واجبا إلا حضرته، ولا أختبارا إلا أجبته، ولا إمتحانا إلا جاوبته، ولا نشاطا إلا أديته، ولا بحثا إلا أعددته،ولا عميدا إلا رافقته، ولا مديرا إلا صادقته، ولا باصا إلا ركبته، ولا دبابا إلا طلعته،ولا تكسي إلا صعدته، ولا رصيفا إلا عبرته، ولا مشوارا إلا سرته، ولا ممرا في الكلية إلا مشيته، ولا مناخا إلا عايشته فكم حمائا إصطليته،وكم حرا إلتصيته،وكم هما تجرعته، وكربا توجعته، وضيقا ضقته ومرا تذوقته، وعلقما طعمته، وكم سهرا سهرته، ونوما أسهدته، وظلاما سامرته، وليلا سمرته، وكم نامسا نهشته، وبعوضا أنعشته، ومائا تعطشته، وجفافا عشته، وضبحاً طفشته، وظمئا توشحته، وكم عرقا ترشحته،وسقما إمتحصته،ومرضا فحصته،وكم مصروفا أنفقته،وريالا صرفته،وكم علما تعلمته،وفكرا فهمته، ودرسا وعيته،وشرحا سمعته، وكم نصا حفظته، وسطرا لحظته، وكم مرجعا راجعته،ومجلدا طالعته،ونموذجا إتطلعته وكم كلاما أبدعته،وباحثا جمعته،وكم طرحا  أحسنته،وأدبا دونته،فأحمد الله على كل ما ذكرته،وله الشكر على ما نثرته،وله الثناء على كل ما أوردته،وما ذكرت في كلامي أعلاه هو ما تعثرته وما عثرته،وما عانيته وأينعته ،وما تذوقته وتفوقته، وما نكلته ونهلته،وما تجرعته وراجعته، وما خظته وحفظته، وما حصلته وتحصلته، حفظت الدروس برغم أنف الفلوس،طلبت العلم برغم غياب الدرهم،ونهلت المعارف برغم قلة المصارف،وتنورت بالتنوير برغم شحة الدنانير، أقدمت لفهم الدرايات، برغم نقص فئة الريالات،وسجلت في إحدى الكليات،وأنا خاليا من الشيكات، ودخلت إحدى الجامعات ولا أملك الطبيعات، وتخصصت في التخصصات برغم قلة المخصصات،وسجلت في العديد من الدورات وليس عندي دولارات،وكنت بأيس الحالة،ودائما منتظر للحوالة، وما أن أستلمت النقود المرسله، لا تكفي إلا لسد الديون المسجلة، في البقالة والمغسلة،أضف إلى ذلك إيجار السكن، ومصاريف الدراسة في عدن، ولست من أصحاب المعاشات، ولا أملك راتب وبقيشات، بل أتجرع أشد المناغصات، حتى أوفر كرئ الباصات،وأذكر ذات يوم أني كنت صفر اليدين، فجزعت الى صاحب بقالة يعطيني كرئ مائتين، ويمهلني بها دين، وقلت له: سأردها لك بالعصر بعدين، فرفض وقال: عمنا قال: ممنوع الدين، فقلت له: على مائتين ريال وهي رخصية، فإستمهلته وأعطيته بطاقتي الشخصية، ولكن نفسيته كانت عصية،وما قبل الهوية ولم يقبل الملكية، فقطعت الطريق مشيا من السكن إلى الكلية،وكنت أبذل العزائم لشراء الملازم، وتغشيني الهموم، عندما أدفع الرسوم، لأن شحة المادة، تنسيني دروس المادة، وإرتفاع سعر الوجبات، يعيقني من متابعة الواجبات، وإنعدام الفلوس يتوهني من مراجعة الدروس، وتعيقني التكاليف، وقلة المصاريف،لكني تعودت التقشف، وإلتزمت الشظف،وصبرت على الإفلاس،ونفاذ البيس،وكنت أبدع وأفكر وأنا مطفر،وأدرس وأنا مفلس، وأرجع وأنا جائع، وأروض الأقلام، وأنا في ذروة النقام، ولم أشك الرمق بل أداعب الورق، وأتصبب من العرق، ربط على بطني من الجوع وروظت نفسي على المشقة، وتحملت طلاع الماء الى الشقة،صبرت على إنطفاء الكهربه، وذاكرت في ظلام العزبة، وأدمنت الكائبة، ولم أأكل في اليوم إلا وجبة، وأخزن بأخس قات، وأدخل المطاعم ذو اللحقات، أتغذاء نفر رز وسحاوق، ولحق يا مباشر لحق، أبكر الكلية مسرع من غير أتقرع، وما تغيبت عن المحاضرات، بل أحب المناظرات، مع الدكاتره، وأناقشهم بعقلية مبتكرة، وأن كانت همومي متكاثرة، فلا أبالي بأوضاعي المتعثرة، أقدس المعرفة، وأن كانت حالتي متقشفة، وهذا سمات طالب العلم لا يبالي بنقص المصاريف، بل يحب أخذ المعرفة وفهم المعاريف،وهأنذا أبذل للعلم سهري وإرهاقي، ولا أفارق أوراقي، وأحب طلاب مساقي، وأقدم لهم كل شيء راقي، وأحذي رفقائي بأخلاقي، وأكن لأساتذتي موادتي، وأحسن سيرتي مع دكاترتي، حتى أنهم عند الشرح يكثروا من مناداتي رغبة في إفادتي، لأني أعتبر كل مادة مادتي، ولا أشرد عن ضالتي، بل أناقش وأبدي إفتراضاتي، فلا ينزعجوا من معارضتي لقوة عارضتي، وسعة حافضتي، ويحبون محاورتي ومسايرتي، وعندما أنتهي من محاضراتي يقول لي أحدهم أنتظر لي سأروحك معي بسيارتي، لأني ألبستهم الوقار في طريقي ومشيتي، وذوقتهم الأدب المحلى في مراسلاتي ودردشتي، ولهذا لايملوا من مرافقتي، لأني إتخذتهم كأصدقائي. بل أعلى من ذلك وأجل، وأسكنتهم المقل، وأنزلت كل أستاذ مقامه، ولم أدع دكتورا إلا وكتبت فيه مقامة، وهكذا عرفوا مني الأدب والشيم، وحسن المعاملة والقيم، والأحترام والكرم ،هكذا كان شأني مع أساتذتي في كلية الحرم،في الأخلاق والأدب ،وليس هذا فحسب،بل كنت أنفض عمن يجالسني الهم، وإزيح لمن يرافقني الغم، وإطري من يوافقني بالأدب والحكم، وأذكر ذات يوم وأنا في طريق عودتي من كلية الحرم، راكب بجانبي دكتور محترم، من أبرز الشخصيات، وبينما نحن راكبين في إحدى الباصات، في جولة كابوتا نظر إلي وقال: تكلم أراك مكبوتا، فقلت :نعم لأني أعيش في كابوتا، فضحك حتى بدت نواجذه ورأيت مزمار الحلوق فقال: أين تدرس فقلت: له في الحقوق، فقال :شكلك ضالعي فقلت :نعم وهي محل مرابعي، فقال :ومن أي منطقة من الضالع فقلت :من خوبر فصاح بأعلى صوته متحير، هاه عصيدكم حامية فقلت :نعم منها أخذنا الحمية، فندهش وأستغرب وانذهل، وتعجب وقال :شكلك من باعباد فقلت :نعم وهم فلذات الأكباد فقال: ماهذه العارضة المطاوعة والبديهة المتسارعة فقلت :له جلبتها من غول الضيعة وكنت بوصلها وإبن صوحلها، فضحك حتى تغرغرت مقلتها بالدموع وقال أعرف هذه البقاع التي ذكرت، بالله قل لي أبن من تكون أعجبني أسلوبك المشجون فقلت:إبن عين أعيانها وناظورة زمانها فقال: من فقلت: أضرب عين الحدس، وفرق بين وجهاء الناس، فإلتفت الى رفيقي وسأله فقلت: له صه لا تحدثه بتاتا ولا تجمع له شتاتا ،فحملق إلي وقال :عرفت من تكون ياهذا أنته الأديب الذي لا يشق له غبار، وأقرأ عنك دائما في الوتس والأخبار، فأنته إبن أستاذي القدير في ثانوية خله وحرير، أستاذنا المدير الذي قدم للضالع الكثير والكثير، فقلت نعم أحسنت العيافة والتعبير فقبل رأسي قبل نزولي من الكرسي فأضهرت له إحترامي وليس تذللي، وشكرت دكتورنا العوذلي ..ولدي الكثير من الموقف والمقلاب المنكته والملح المطرفة أيام الدراسة والمعرفة والتي جلبت بها الأنسة لزملائي أيام الدراسة،سأكتفي من سرد النرجسية وسأذكر لكم أوضاع الطلاب القاسية،دخلت ذات يوم عزبة دراسية، مليئة بطلاب العلم، فرأيتهم ماسكين الملازم، عليهم سيماء العزائم، يقلبون الورق ويتصببون من العرق، والكهرباء منطفئة، والمياه عندهم منقطعة، منذو أسابيع، والحر عندهم فضيع، وهم مكيفين مع الخزانة، يرتضعون المعاناة ولا يبالوا بالنصب والتعب، بل منكبين على الكتب، يتجرعوا الويلات ويسهروا الليلات،ويدلجون في ثنايا الصفحات ،وينافسون على أعلى المحصلات، رغم المناغصات، ويطلعون أعلى الدرجات رغم نقص الإحتياجات، فأكرم بهم طلاب علم،توسدوا ذراع الهم،وإفترشوا مهاد الغم، وصبروا على تحصيل العلم، ولم يعيقهم منازع، رغم الزعازع، ولم أمكث عندهم إلا وقت قصير، ولم أرى منهم أي تقصير، يراجعون دراسهم، ويفتشون كراديسهم، ولم أسمع منه نفسا إلا صرير أقلامهم، وبحششة ملازمهم، فعرفت أنهم ضوالع فقلت لهم: أي خدمات أنا جازع فقالوا: أمكث عندنا أيها المبدع، فقلت :لهم نويت الرجعة وعندي مراجعة ،سأزوركم بعد أسبوع يوم الإجازة ،لكم مني جزيل المودة، وأعزمعت لأهبتي وعدت الى عزبتي، فلم أرى ضوئا مسرجا، ولا مائا ثلجا، والجو كان حارا وكأني في مجن، فجلست منسجما متفرجا ،الى حال الطلاب في عدن، وبشكل عام في ربوع اليمن، يتكبدون المعاناة والمحن، ولا تأويهم الجامعات بسكن، ويتجرعون الفتن ،وتكاليف الدراسة أصبحت غالية الثمن، ولا يستطيع تحملها إلا الغني المفتهن،فأيقنت أن قلاب الدفاتر أشد من شقلبة العساكر، والوقوف على النقاط، أهون من أستنباط النقاط،وملازمة الدروس والأقلام، أشد من زام الدوام، وأرهاق الملازم أشد من ترقية الملازم، ولم أكن من هذا الوضع منهزم بل كنت في دراستي ملتزم، وأبذل الحزم إلا أني ذات يوم شعرت بسأم، فخرجت من السكن، أتجول في عزب عدن، الى أن دخلت عزبة مليئة بالطلاب وما أن ذخلت الباب، رأيت منظرا جذاب! الكدافة متراكمة خلف الباب، وفي الصالة كتب منفوشة ودباب، والجدران مصقولة بالتراب،فعرفت أن العزبة مهملة من تكاسل الشباب،فسلمت على أولئك الطلاب، وجلست في الصالة مقابلا لهم ولم أعاتبهم لأن عزبتهم غير نضيفة، لأني مراعيا لواجباتهم الكثيفة، ومعبرا لأوقاتهم الطفيفة، التي تشغلهم بالمحاضرات الدراسية ،وتنسيهم الأدوات التكنيسية، معتبرا أن إنقطاع الماء أكبر مصيبة، وإنطفى الكهرباء حالة عصيبة، والحمى أكبر كارثة، وليس المناظر الرثة وصوت البعوض هسترياء مزمنة. وأعلم أن هموم الدروس تربك النفوس. وإزدحام المحاظرات، تلهيك عن الإنتظارات، وتتابع الإختبارات تنسيك أهم الإعتبارات، والشيء اللزام هو أكمال الملازم، وحل الأمتحان أفضل من الأشياء الحسان، وبينما أنا جالس في ذلك المكان، مكيفا مع الخزان ،سمعت طالبان يتحادثان، قال أحدهم: غدا معي سنمار ،والمحاضرة الثانية إختبار، والملازم كبار، والى الأن لم أكمل محاظرة ،غدا الإختبار لن أحضره وسأغيب وأخرج بكره،تقرير طبي، لعل الدكتور يقبل طلبي، فقال: له زميله عليك الآن بالمذاكرة، ولا تبرر المعذرة، بالتقرير وستداهمك من الواجبات الكثير، لا تفوت الفرص، ولا تدع لوقتك أي نقص، فقال :لست أدري أقرأ الآن لسنمار أم للإختبار؟ فقال :له هذا لأنك كثير الأهمال، ولا تضع لوقتك أي إحتمال، أفعل ماتريد أو أطلب التمديد، أو وسط العميد، وبينماهم يتناوشان ويتناقشنا قال: لهم طالب في كلية الصيدلة، أسكتوا المفالجة، وتركوا المجادلة، دعونا نكمل المراجعة، أضعت ووقتي ويومي، في مذاكرة الأنتومي، ومعي غدا لآب في الكوجنسي، ولست أدري كيف أسلوب الجفري؟ واليوم أستاذي كلفني بحثا في البتني، رجائا لا تشتتوا ذهني، فسكتوا برهة وجيزة، وهم يطالعوا الكتب فقال: طالب في كلية الطب، وهو على الملزمة مقتطب، ياجماعة من يفهمني الفيزكل، ولو على عجل، هذه المادة أدت لي الملل، ولم أقرأ منها عدة محاضرات ،ولم أفهم هذه النظريات، أنشغلت بالترجمة، ولم أستفد أي معلومة، فقام طالب مدكي وهو ذكي ففهمها طالب البشري..وبينما هم يقرؤوا ويتبادلون الحوارات، قال: طالب في قسم المختبرات، بكره نبدأ الإختبارات ،يا رب أجلها الى الأسبوع الثاني، حتى نراجع بتأني، ونحفظ جميع المصطلاحات والمعاني، لأن بعض الملازم لم أفتشها، وبعض الكلمات لا أعرفها، تحتاج ترجمة، والمحاضرات عندي متراكمة..وبينما هم يبثوا همومهم الدراسية وينثروا أوضاعهم القاسية، قال: أحدهم أستكوا الكلام، معي غدا إجزام، في تخصص الأسنان، سأمت المراجعة للإمتحان، وعندي ملازم مليان، والساعات ليست كافية، سأدخل الأمتحان في دور التصفية، على مائة وأخرج ورقة رسمية متعذرا فيها بوكعة صحية، وبأني كنت مريض، فقال :طالب في قسم التمريض، يا جماعة وضعي ليس بسيط، مللت المذاكرة والشفيط، وبالي مهموم لأن العميد اليوم، قال :لي أن لم أسدد غدا الرسوم، فأني محروم، ولن يسمح لي بالدخول، الى القاعات والفصول، إلا بدفع الرسوم بسعر الدولار  ولا أملك في جيبي ريال، فقال: له طلاب في قسم النفقة الخاصة ،نعم وسعر الريال هذه الأيام ناقصة، فأنا مثلك أتذوق هذه الغصة ،وأن لم أسدد الرسوم سيخرجني الأستاذ غدا من الحصة ..وبينما هم يتبادلون هذه المناغصة قال: طالب في جامعة العلوم، وأنا مثلكم مهموم، ومنذو أن أقوم، وأنا أفكر كيف سأسدد الرسوم ،ودخلي معدوم وولي أمري مهضوم، لا يملك قوت يوم ،فسمعت صوتا صاخب ،يقول: لهم مخاطب أسكتوا خلونا نذاكر، عندي إمتحان في مهعد إمين ناشر، فأن لم تسكتوا فأنا ناشر ،فسكت هؤلاء الطلاب لحظة قصيرة، ولم نمضي إلا لحظات خفاف، فإذا بطالب معهد الأحقاف، يعلو آهات التئفآف ويشكوا من الملزم الكثاف، وهو مختاف، من دخول الأمتحان لأنه غير فاهم، وعن المحاضرات نائم فهو من الدراسة سائم..ثم إنتقل الكلام الى طالب الأعلام ،فقال :قضيت أربعة أعوام، ملتزما بالدوام، وحاضرا في كل الأقسام، وقد تخرجت من الكلية قبل عام، فلما ذهبت أبحث عن كشف الدرجات، فجائتني المفاجئات، عندما رأيت بيان المحصلات، وعلاماتي ناقصات ،ودرجاتي مختلفات ففتحت عدة ملفات، وتظلمات فأرتفعت أرقام العلامات، فندمت على التأجيل، وكان الغلط من قسم التسجيل، فباشرتهم بالإحتجاجات وأعطيتهم كشف الدرجات، المحفوظ بحوزتي والمأرشف بإنجازاتي، وخرجت بفائدة، ولكني رسبت في مادة، وغدا سأدخل درو التصفية ،على خمسين مع المزنبلين، فأنصحكم لاتكون من المبللين والمؤجلين ..فأستمعوا إليه أجمعين وظلوا برهة هاجعين،وعلى مداكيهم ملجعين فقال أحدهم ياجماعة صلوا على النبي وتعوذوا من إبليس اللعين ما بكم مطننين عنوه شقع رجاع من التسعين .فقال طالب في كلية الحقوق أنا مخنوق، من الدروس الكثيرة والكتب الكبيرة، أحفظ جميع المواد الدستورية ،والوائحة الحكومية والقرارات الرسمية ،وأشفط جميع القواعد القانونية ،وأجتاز الإمتحانات السنوية بدرجات عالية، بعد أن ذابت الناصية ،من الدكاتره النصية، يريدون الحل المطلوب، كل ما هو مكتوب في الكتب، يتقيدون بالنصوص المكتوبة ولا يقبلون بالأفكار المرغوبة، أجب السؤال نسخ لصق، ولا تخرج عن هذا الآفق، وإلا ستخفق بدرجة التفوق، وبعض الدكاتره معقدين الطلاب، ويعسكرونهم على ما هو في الكتاب ،وإلا ستنقص من نصاب العلامات ،أن نسيت بعض من الكلمات، ففهمت ما ذكر من معاناة وأيقنت ما قال من هموم مؤلمات، فعرفته أنه زميلي في هذه الكلية، ولازال في السنة الأولية، وما قاله عن تخصص قانونه ،وما عاناه وأمتحنه، وما تجرع في أول سنه ،ماهي إلاجهود هينه، وما لقي من الجمل إلا أذنه، ولم ينتهي فصل الخطاب والحديث عن الصعاب، التي يواجهها الطلاب، فإذا بأحد الطلاب يقول: أدرس في كلية الأداب، وأحفظ محتوى الكتاب، إلا أني أشعر بالأكتئاب، عند تجيب جميع الأسئلة، وتنقص من علامات المحصلة، وهذا لأن بعض الدكاتره ينقصوك من الدرجات، ويعكروا المزاجات، ولا يرعوا الظروف، بل يجاملوا المعروف ومنهم من يقبل الوساط،ة ويأخذ الرشو ومهما أجبت له يعتبره حشو ،ولا ينتبه للطلاب أن غشوا ومن الدكاتره إذا تأخرت دقيقة عن المحاضرة لن يدخلك القاعة، وأن كانت لك معذرة ،لا يقدروا تأخر الباصات ،وعرقلت الطريق الموصلات، والكهرباء والمناغصات ،فتراهم يخيفوا الطلاب بالحضور والغياب، وأي طالب يغيب ثلاث محاضرات فهو محروم من الأختبارات، ومن لم يترك الملف في الأمتحان مكتوب، سيكون مصيره الرسوب، وبعض الدكاتره قرينات، يجاملوا البنات، في العلامات، ويقيموا عيون اللثامات، فبعضهم يقدم الطالبة على الطالب ولست أدري أهي نقص العاطفة أم الحب !فتراه يرمق العيون التي أكتحلت وينجحها وأن هي ما حلت، وينحني لها إن سألت لأنها رمته بسمها وإنسلت،وإن سأله طالب يجيبه غاضب، أن لم تكتب الواجب فأنته راسب، فلست أردي ما السبب ؟أهي نقص عواطف شعورية ؟أم حركات قشورية؟ وبعض الدكاتره لا يتقن الأساليب التعلمية، وإنما يعامل الطلاب بنظرات إنتقامية ،وإنجرارات قمعية، وبعضهم يلتمس لك أتفه الأشياء السببية، لإيتخد عليك الإجراءات العقابية ،ويقمعك بحجته التأديبية ،فهو لا يفقه الأساليب التربوية، ولا يحسن النصائح التهذيبية ولا يفهم المعايير الأصولية، ودائما يهدد الطلاب بالإجراءات الفصلية، وكلمتي هنا ليست عمومية بل خصوصية، عن بعض الدكاتره والمعلمين، ولا أنكر أن بعض الطلاب مزنبلين، وعن محاضراتهم غير ملتزمين، ولواجباتهم مهملين، فحبذا أتعامل معهم بالرفق والين، فإذ الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم..فكان الطلاب لكلامه مستمعين ولحواره منسجمين، فإبتدر أحد المتكلمين، وهو من الطلاب المكلومين ويدرس في كلية الهندسة فقال :سأمت الدرسة والمراجعة، حياتي كلها جعجعة ،
فأسمعوا يا زملائي، أنا مهندس كهربائي ،ودخلت هذا القسم لطلب العلم والمعرفة، والكهرباء دائما طافئة ،مما زاد إرتباكي وإكتئابي أن التيار الكهربائي دائما طافي أقرأ بعيد عن معرفتي أعرف صيانته ولا أرى إضائته، وأقرأ عن تقسيماته وفروعه، ولم أحظ بشعاعه،أقيس شدته وشحناته وأتنظر سطوع لمحاته، وأعرف تفكيك قوانينه ومعادلاته، ولم أرى نشاط مولاداته، وأحسب سرعة موجاته، ودائما منتظرا وصول جيجاته، وأعرف مدى جسيماته، وأعيش منتظرا للمعاته، مللت من مفاتنته ،ولم أرى وميض فوتوناته، فكيف تراجع مادة المرئيات، والقناديل طافئات؟ وكيف تبصر دروس البصريات ؟والمصابيح غير لأصيات؟ أذاكر عن التيار ،وأبكر للأختبار، ولم أرى للإضاءة أي إعتبار ،هذه حقيقة مؤلمة ،تدخل قاعة الإمتحانات وهي مضلمة، فأكمل كلامه والكل شاركه ألمه ،وأعجبني كلامه ،فقلت سأجيز ريثما يقوم سأحجزه ،وأمدحه عن كلماته الوجيزة، ولم نقضي لحظة وجيزة، عندها لمعت الكهرباء فقام الطلاب يشحنوا الأجهزة، وينتعون العجلات، لشحن الجوالات، ويبحثوا عن الشواحن وأحدهم يجول ويصول ويقول: مع من حقي الشواحش، شيء احد شلحن؟ أو روحن ؟ولم تلبث الإنارة بعض من الحين فإنطفئت الكهرباء في ذلك الحين، وأظلم المكان فقال :أحدهم لصاحبه ناولني التوصيلة، نركبها للخازن لنلصيه ،عندها لصيت الكهرباء ولمعت الأنوار من المصابيح ولم نقضي وقت فسيح، فأذا بالأضاءة تخفتت! من اللنبات وتفغوا بعض الجلبات !والأضواء تخفت برهة وتزهوا إخرى ،فسمعت صوتا من الورى يقول: يا رب سبرها نستضي نقرأء، فلبثت ساعتين لاصية، دقيقة زاهية ودقيقة فاغية! وبعد أن لصيت وفغيت ثم طفئت، والطلاب مطئطئين الرؤوس، يراجعون الدروس، ويلخصون الملاخصات، والأتاريك لأصيات، ويقلبوا الملزمات في سواد الظلامات، ويطالعوا النماذج على ضوء السرج، فإذا بالعزبة ملئية بالكزاكيز !ورأيت الأزراق على الأوراق، والطلاب ينفثون الأقلام في غبء الظلام، ويراجعوا مقرارات المحاضرة في الغدرة، ولا يبالوا بالظلام الدامس، وأن غزتهم جيوش النامس، فكل طالب متحمس، مع دروسه والأتريك على رأسه، هكذا هي عزب الدراسة وهذا هو حال الطلاب والزملاء، لا يعتمدون على الكهرباء ،مهما إنقطعت الأنواء، وإنطفئت الأضواء فهم يبلون أشد البلاء ،ويتجرعون العناء ويخوضون حربا شعواء، ضد البعوض وجنوده، والنامس ووفوده والظلام وسواده، والحمى وإتطرامه وخموده، يا لهم من طلاب محاربين في الخطوط الأمامية، متمرسين في الجبهات العلمية مناضلين من أجل المعرفة، ومقاومين من أجل الدرجة المشرفة، سلحهم القلم وعتادهم العلم، يملكون ألوية من الدفاتر وكاراديسهم أحصن من الدكاسر، ومجهودهم أقوى من العساكر، وكتائبهم من صحائف الكتب وليس من مصفحات الكتائب، يتدرعون باليراعات وليس بالمدرعات ،يجنون المعدلات الرفيعة ويحصدون المحصلات المنيعة ،ينكبون في تحصيلات متون العلوم، ولا يركبون شاصات الطقوم، قال :الطالب باعباد ولم أزل مقيما بين إولئك الطلاب، جالسا في العزبة ومطيلا في الوثبة، منهمرا من العرق والكهبشة ،متحملا الجوع وبطني قد إعتجشة ،فسألت أولئك الطلاب هل لديكم كعيكات فقالوا بأصوات مرتباكات، لا مافيش! فقلت لهم عزبتكم تخلوا من الكواتيش؟ كفيتم من الحزازي، والحموضة وتخوم المعدة، ونجير الصدور والبلاغم وطفش التفشه الى الحلقوم ،فأستحرقت على هؤلاء الطلاب من النقام ،وما غذائهم إلا بضع لقم ولقيمات أو لخيفات رز يابسات يلها من مأساة! فهم بأمس الحاجة الى المؤسات، وما أصعب تكاليف الدراسات..وبينما أنا جالس في الظلام وأتعسس باللمسات، سمعت خبط دعسات، فأذا بشخص يقرع الباب ،فأبتدرت فتحه قبل الطلاب، فنهضت من مكاني وأنا أجري، فإذا بالقادم عسكري ،ممتشقا الجيتري ،ولبسا الميري، فعرفت انه خوبري قادم من البلاد، ومعه العتاد والزاد، فقلت: له يا مرحبا بمن وصل ،على الرؤوس والمقل، اهلا تفضل فدخل وأغلقت الباب على عجل، وأخذت ما بيده من سامان وقلت :له أجلس هنا بأمان وهذا مدكاك للخزان .فدخل عرفة الطلاب، فتلقوه بالترحاب، وخرج الى الصالة، يسألني عن الحمام ،فقلت: له أذهب من هذه الناحية الى الأمام، ستواجه أمامك الحمام ولكنه يخلوا من الماء ،منذو أيام ،فقال :تمام ولكني أود الإستحمام، والوضوء للصلاة ،فقلت: له أنظر الى طرف الصالة، فهناك دباب وخذ واحده للغسلة فمشى على عجالة، ونفض وعثاء السفر، وعاد بعد أن صلى وتتطهر، فجلس بجانبي يفتش مامعه من أكياس وباغات، ويقلب الشغثات ،فإذا به يقوم ويزود الطلاب بالجدادات. ثم جلس يشرب الماء من دبابه الجامدات فمكثى معي يبث أقاويل المجابرة وقال :لي كيف أيامك سابرة؟ فقلت: مشاي الحال رغم المحال، ونحمد الله على كل حال، وبينما هو يبادلني الأقول، سألني وقال :هل لأبو الطيب جديد في الأدب؟ فأجبته عن كلامه وقلت: نعم أخرى مقامة عن المحوطية ،اما قرأتها في مواقع التواصل الإجتماعية؟ قال :نعم يالها من مقامة إبداعية، تنوالت جميع المصطلاحات الزراعية، وأحوال المحوطه والرعية، وتعتبر ثرة ثرية، وقد أعجب بها الكثير من شباب القرية، وسمعت الناس يقرأنها في عدة مجالس تخزينية، وديم وديانية ،حقا إن كلماتها ذات قيمة، وأشتملت جميع الجمل الكلامية ،التي نقولها في محادثتنا اليومية، إنها مقامة ذو أهمية ،فلولا تكاليف القيمة، لنقشت ونحت كلماتها على جدران كل ديمة، إنها أشهر المعلقات تناولت محوطة القات، فكلامي ليس من سبيل التملقات، فهي بمثابة نصائح وإرشادات تعليمية ،وبالإضافة إلى ما حوت من معاناة حقيقية، يمر بها سكان المنطقة، فشكرته عن إطرائاته المحقة، فنظر الى معاناة الطلاب المعيقة، وسكت دقيقة وقال: ما رأيك أن تكتب بنفس الطريقة، المقامة الطلابية، وتسرد معاناتهم الكئيبة،فلبيت إقتراحه، وشاطرت مزاحه، وقلت له ابو الطيب رهن الإشارة، وأشكرك على هذه الإشارة ،سأكتبها الليلة، وأنقحها ببرهة قليلة وأرسلها لك بكرة، هذا إن صفى لي المزاج، وأن تعكر فلا إحراج في يومين فقال: ياحين ما بقي على راحتك، فأنا من متذوقي فصاحتك، ودائما إطالع صفحتك وأبحث عن أي جديد في موقع الدكتور عبدالمجيد .فشكرته عن هذا الإهتمام والمتابعة والإلمام، ونحن جالسين بين طلاب العلم، ولم نزل نتحدث ونكابد أوضاع القوم، ونلقي اللوم على مسائيل الحكم، وما آل إليه الوطن من المعاناة  والمحن، فأصبح البلد مكلوم، والإقتصاد مهدوم والنفط معدوم، والمواطن مهموم،ورغما عن كثرة الطقوم، لم نرى أمنا يدوم!فكم إغتيل من مرحوم، وكم مواطننا قتل مضلوم، وكم شخصا إستبعد مهضوم، فالشعب دائما مؤزوم،فلا النصر محسوم، ولا الحوثي مهزوم، وأصبحت الإزمات متتابعة، والخدمات ممتنعة، والأسعار مرتفعة ومقومات الحياة منقطعة، فالضوء منقطع، والماء متقطع، والدولار مرتفع، والأنترنت ممتنع والأتصال مشوش، والفساد معشعش، فالوطن بيعا هدرا والشهيد قتلا غدرا،وكم من جريحا يئن ويتيما يحن، فالحرب لازالت تتطحن، والعدوء لازل يفتك والنزال مازل معترك، فكم من فقير يكابد ويتكبد،والغلاء يتمدد، وأصبح الأمن مختل والإستقرار مضمحل، وكل يوم تسمع بشخص يقتل وعلما يغتال،ومريضا يعتل، فكم من موقعا ينشر وخبر يذكر ،عن موقعا قصف،وهدفا نسف، وجمرا نفخ ،وموكبا فخخ ،وحدثا سجر، ومنزلا فجر فيا ألهي أجرنا وأجر، من وضعنا المنفجر، وحالنا المضجر، وقنا من البلاء، والشر وعافنا من الوباء المنتشر، فلما حان وقت السحر ،وقد أستهوانا السمر، الى أن غرب القمر،وغلب السهر ..قال :الطالب باعباد فقام الطلاب يفترشون الفرش للنوم وسمعتهم يتموصوا من الخلثات، ويصفون ما نثروه من المخلفات، وأخلدوا للراحة بعد أن تجرعوا الإرتباكات ومروا من الإنهماكات فقام العسكري يفتش الأكياس ويحل منها الفكات،فأخرج للطلاب كيسا من الكعكات، فقاموا ينهشونها وكأنها وجبة شهية ويلوكونها في سحر العشية فنظرت إليهم وأيديهم على الكيسة مغشية فقلت :لهم رفقا بالكعك والكواتيش ما يجي بكره إلا مع فيش فطحبوا الكيس بسرعة، من شدة الجوع المجاعة، فستلقى بعضهم على الفراش وبعضهم بيده جواله يدردش، وبعضهم ينفض ويفرش، وبعضهم يرفع ملازمه ويبحشش، فقام العسكري الى جوارهم يفرش فلما إنبطحوا جميعهم على الفرش سمعت صوت مشاوره ووشواش، وأحدهم يقول بي ضبح وطفش، ومافيش نوم ،خلونا نجابر لما نهفت، فقال :له زميله أسكت مكان رحنا لنفت،خلونا نرقد نبكر قيام خلاص الكلام ،قال :الطالب باعباد فبدأت أشعر بأرهاق النوم، فأقتربت الى زمرة القوم ،وسألت إولئك الطلاب هل من مفرشا لرقود فقالوا :لا مش موجود كل المفارش مفروشة، والكنب منفوشه، والأرائك محتجزة، والكنابل منتكزة والطراحات مطروحة، والبطانيات مبطوحة، والوسائد مقتحمة، والعزبة زحمة، فخرجت الى البلاكونه ،لأنام على البلاطة المجحونه، فخرجت من بابها فرأيت فيها شخصا مستقيم ،فقلت: من الملم في الليل المدلهم، فباشرني بالإجابة أنا طالب أبحث عن الشبكة، فتبين لي في ذاك الحين أنه شخصا من المأنترين، أو من زمرة الساهرين في عتمة الليل البهيم ،وقد حان وقت التهويم فرجعت الى الطلاب فإذا بعضهم نائمين، وبعضهم مفعددين، والنوم من عيونهم ممتننع ،فقلت: يمكن تأثير القات لازال باتع،فقاموا يتجاذبوا أحاديث السمر،ويتجابروا بعد السحر، فقال أحدهم مجابر أنا حظي مدبر، ما صبطش لي وظيفة، وفي ميدان المعرفة، كنت أبغي الحصول، على مقعد حسب الميول، الذي كنت من أجله أصول، تقدمت ربع سنين للقبول في كلية الطب، فكان حظي خائب، وكل سنة أنقص درجة أو درجتين ،عن بقية المتقدمين ،وأسمي في قائمة الإحتياط ودائما تحت الأشخاط، وما فوقها الأسماء المؤخوذة وما تحتها الأسماء المنبوذة، فجذوتي موقودة وأمآلي مخموذة، فتكلم من جانبه شخصا ساهر، وقال وأنا الأخر خظي مثلك تقدمت عدة سنين، ودائما من المحرومين، وأسمي تحت الشخطين، وما أنقص إلا  بنط أو بنطين ،فكلانا محبطين ففهمت من كلامهما المبثوث مع آهات السهر، أنهما طالبان في التعليم المستمر،سجلا للتقوية وقد دخلا دورات أكثر من البقية، وكل سنة محججين الى كلية العلوم الصحية ،وينقصوا القليل من الدرجات النجاحية، إخفاق ليس بمعقول ،فتراهم دائما مأملين العقول، يبغوا الحصول، والوصول الى مقاعد الفصول، بأي طريقة أربعه أعوام يسجلوا في إمتحان القبول من غير توفيق ونجاح فقال لهم شخصا ناصح قرأت الآن خبر على المواقع إنتشر أن غدا يبدأ التسجيل في جميع الكليات والأقسام سجلوا بأي كلية ولا تضيعوا الأعوام بادروا بالتسجيل وأتركوا التأجيل طال عليكم الأمد فرد أحدهم وقال: ما لك دخل يا أحمد سأضل أمتحن قبول الطب والى الأبد
فبادره بالرد أتريد أن تكون بسكويت أبو ولد يتوارثه البلد لا دخل لي بك سجل أو لم تسجل بأي مجال وأن بقيت كسمن القمرية تتعاقبه الأجيال فإنزعجوا مما قال من مصطلاحات، وكلمات وقحات فشتموه بالحال ،وقالوا: هذا محال وبينما نحن على هذا الحال في الساعات المتأخرة من الليل سكتنا قليل وسمعنا أصوات نائم ناخرة ،ويتكلم بألفاظ ساخرة، ويدعو أسماء نكرة ،ليست لدينا معرفة فتبينا أنه في حالة هذيان ،أو أنه غيان يتتمت ويغمغم ويهذارم، ويصدر صوت نخير وزائار،ويقول :نزاز نزار، وينادي بصت خافت سري، ويقول :وجفري وجفري فهو لا يدري انه في هذيان فتارة ينادي الزامكي وتارة خان ويتصبب من القطرات العرقية ويقول :العراقية العراقية ويتململ ويتقلب ركزا قدمه مشقع ،وهو ينادي وشقاع وشقاع ثم إنحنى مليا وقال: قل لبن يحيا ثم لف رجليه وإعتصر وقال: ودكتور نصر ثم نتع ردائه ونعطف منطوي وصرخ بصوته وفاطمي وفاطمي فإذا به يصحى منتبها ويقول :هبا هبا فمد يداه إلينا مع صوت زئام وقال :للمه ما قومتمني قتلني الرزام كنت لرآيا إني في الإجزام،والدكاتره مراقبيني من كل مكان فشرب ماء وعاد للنوم وكانا من هذيانه منبهرين، فسألت الساهرين في أي الأقسام يدرس؟ هذا الطالب ومن هي الأسماء التي كان يخاطب؟ فأجابني أحدهم بعجاله وقال يدرس في  كلية الصيدلة ،وما ذكر من أسماء مجللة، هم دكاترته في الصيدلة، أكيد أذقوه البهذلة في التدريس حتى أصيب بهذا الكوابيس من سوء معاملة الدكاتره أو أن علاقته معهم متنكره أو أن نفسيته منكسرة فقلت: لا تثريب عليه فربما هذه الهذرمة من إرهاق سهره فقام احدهم من فراشه وأبدأ إنتعاشه وقال: يا جماعة أسمعوا الهدرة ،انا خريج صيدلية، اما عرفتم أن طلاب الصيدلة، يتذوقوا المذلة ،فقلنا: له كيف ذلك يكون؟ فقال، الدراسة في الصيدلة دون وكأنها عسكرة ،وليست دكتره قلنا: لماذا فقال :محاضراتها متكاثرة ،وحساباتها متناثرة، وقوانينها منفرة، ومركباتها كبيرة ومعادلاتها كثيرة، وموادها كثيفة، وإمتحاناتها معسفة، وسنماراتها متتالية، وإختبارتها متوالية ولآباتها تحضيرية، ودروسها معيقة، ودراستها تطبيقية، وبحوثها مرضية، وأسألتها معضلة وأستركشراتها فائضة ،وفراغاتها عريضة ومصطلاحاتها باهضة ،وموادها مغرضة، فالطالب بملازمها معتري ،فلا يدري، أيبدأ بمراجعة الكامستري أم يذاكر ملازم الجفري، في الكوجنسي وربما قد نسي محاضرات الأنتومي ،فيمسي معتني بالبتني أ،و منهمك بالأرجنك أو مرتبك من التكنك ويكل من الفزكل ،ويتشتت من اللشمانيا ،ويتذمر من الملاريا ويتبلد من الأبليد ويعتجش من الإنجلش ويتلبج تلبيجا من الفرما كلوجيا فترى بعض الطلاب يتخرج من قسم الصيدلة ولازالت عليه بعض المواد الفاشلة وهو يعلم بأنه قد إمتحنها في الإجزام ويدري بأنه قد أعادها في الري وهي ما لازالت معلقة وبالكشف غير مسجلة فيتابع عن درجته وهو غاضب فيقولوا له إمتحنها في التضارب ويسأل عن درجته الفصلية فيقال له إدخلها في دور التصفية ما يخرج الطالب من الصيدلة إلا بنضال او مصاب بالداء العضال من العناء المنهك والجهد المربك وهرم الزامك والكلام التحطيمي من تحطيم الفاطمي وفيروس الجفري ذو الوجع الفري والعدواء المعيقة من مادة العراقية فالطالب في هذه الكلية يتكبد كل معضلة من هستيريا الصيدلة وروتين الملازم ورزام نزار وقلق الإختبار والسنمار فستمعنا لكلامه وخظنا الأحاديث في هذا المظمار ولم نلتحف بالأطمار بل ما زلنا سمار نتجاذب أطراف الأخبار فقال العسكري كلاما ذو إعتبار فحدقنا إليه بالأبصار فقال ما رأيكم أيها الطلاب أسجلكم معي في إحدى الكتائب التابعة للحزام الأمني وأظمكم الى السلك العسكري العدني سيتحسن وضعكم المعيشي الى أحسن حال وستحصلوا على مرتبات وأموال أتركوا مستواكم الدراسي سنوظفكم براتب شهري ألف سعودي وستين ألف يمني تستلموها نقدي أتركوا التعليم فوضعكم الآن آليم وحالكم مكبوت حتى أن درستم ستروحوا البيوت إنظرو الى من قبلكم من الخرجين الألف في البيوت مدججين أو في الوديان مسرجين أو في الشوارع متفرجين للدولة حتى توظفهم فلا ظمتهم مع المدرجين ومعظمهم لهم من عشر سنين خرجين وحياتهم بلا وظيفة ولاحتى من المتزوجين ومع الفقر والبطالة منسجمين والحكومة تضخ وضائف للعسكريين من غير المدنيين فأصبحت كشوف الترقيم أفضل من معارف التعليم وركوب الطقوم أفضل من رباط العلوم وجنود الحراسة أفضل من طلاب الدراسة ورواتب المرقمين أحسن من راتب المعلمين ومعاش المجندين أفضل من معاش المدرسين وراتب الحارس أفضل من راتب المدرس وأصبحت العسكرة أفضل من الدكترة وحياة العسكريين أفضل من الأكادميين وحقوق العساكر قبل مستحقات الدكاتر فرأيت أكبر دكتور يتمنى أن يكون عسكور والقبول في وظيفة العسكرة أسرع من الحصول على وظيفة الدكتره فكم من حاملي الشهادات العليا من الوضائف محرومين وكم من المتعلمين غير معتمدين فأين الأنصاف فالوضع أصبح في إختلاف المعلم يستلم أربعين ألف وله أربعين سنة في خدمة التربية فهذه عجيبة بينما العسكري هذا الأيام لم يتجاوز العشرين عام أوعاده من العيال ويستلم ألف سعودي أبو عقال  وستين الف ريال فأذا أردتم الأنتقال من سوء الحال الى أحسن الأحوال ف فأنصحكم بأن تتركوا طلب العلوم وتركبوا الطقوم وتنفضوا من المدارس الى المتارس وتخرجوا من الكلية الى ساحة الألوية وتغادرو من تخصص الجامعات الى خط الدفاعات وتهجروا مداد اليراعات الى مدد المدرعات وتنفصلوا من فصول الدراسات الى فصائل السريات وتنفكوا من فلك الدفاتر الى سلك العساكر وتنخرطوا من أوراق الكتب الى فرق الكتائب فسكت العسكري عن الكلام وانهى الخطاب وأدهشنا بفصل الخطاب وأعجبنا بكلامه المستطاب وأذهلنا ما نطقه من الصواب فأستحسن كلامه جميع الطلاب وأظهروا له الإعجاب وتقبلوا نصحه بسعة الرحاب وابدوا الرغبة والأستجاب وقرروا التسجيل في هذا الباب وأعلنوا الأنسحاب عن الدراسة فرحا بالتجنيد والحراسة واتفقوا على مغادرة الكلية والإنظمام الى الألوية وأجزموا الإنصراف عن تحصيل العلم وهجر الميدان الفكري وأستعدوا للحصول على الرقم العسكري وأستفسروا بكل رغبة  عن الوثائق المطلوبة وقاموا من غير تعجيل بحثا عن بيانات التسجيل وأعطوها للعسكري وقالوا غدا نبكر بدري الى معسكر الحزام ومن غدا نلتزم بالدوام والزام قال :الطالب باعباد فقعدت أتسائل في نفسي هل أسجل معهم أم لا أسجل فلمني لسان حالي وهمس يقول لا تكن متكاسل ولا متساهل الموضوع سهل سر سجل وأسأل ماهو المطلوب وقدك من جيز الطلاب فأزمعت الإعتزام للذهاب مع الطلاب للتسجيل بالمعسكر فقررت أن أذهب معهم مبكر في تلك الأونة دخل إلينا شخص من البلكونة فخلبنا بعذوبة بيانه وقال كنت مستمعا لما تقولونه فلقد جئتم شيئا إدا،وجرتم عن القصد جدا وعظمتم العساكر والجندا ..أنسيتم يا طلاب العلم أن الملائكة تضع أجنحتها رضا لطلاب العلم وليس لراكب الطقم والحيتان في الماء والطيور في السماء تسبح لطالب العلم وليس لصاحب الرقم ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون أما علمتم أن العلماء ورثة الأنبياء وما العساكر إلا أفراد من اللواء فليسوا بسواء وكيف ذلك يكون وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون لما لا تقرؤا الآيات المنجيات أأذهانكم عن الوعي خارجات وعقولكم عن الحق مارجات تصدقوا الأكاذيب والهرجات وتعتادوا الجدل والمفالجات وما تقرؤا يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم منكم درجات أركم تبغوا الجهل حتما وتطمحوا طقما وما تليتم كتابا محكما ينص وقل ربي زدني علما..العلم شيء عظيم فهو الطريق السليم والهادي الى السراط المستقيم وفوق كل ذي علم عليم فالفضل لأولي الألباب وليس لألوية الكتائب فأن أفضل سلاح لتقدم الأمم هو العلم فتأليف علوم المعارف قبل تصنيف القذائف ونفث مداد اليراع قبل قذف بارود المدفع وعلم الأوراق قبل حمل البنادق  وإبتكار الإبداعات قبل إجترار المدرعات ونشر البحوث والكتابات قبل نشر الدبابات وفتح أبواب التخصصات قبل ركوب الشاصات وتشجيع الكليات أفضل من ترويع الدشكأت وتقديم الوظائف المعارفية قبل القذائف المقذوفية وتقديم العلوم الفكرية قبل ترقيم الأرقام العسكرية فالدولة تمارس سياسة التجهيل تفتح للعساكر كشوف التسجيل وتعطيهم وظائف وتمنع الكوادر من الإبداع في المعارف ترقي العساكر وترقد الدكاتر وتفرز الحقائب التجنيدية وتمنع الوظائف المدنية ورغما عن كثرة المجندين والعساكر لم نرى النصر والأمن والإستقرار فهذا هو الجهل بكله والفشل بجله أيها الطلاب أنصحكم لا تتركوا الدراسة حبا في التجنيد والحراسة فالعلم ثماره باقية ويهدي الى الحقيقة فالمستقبل للمتعلم، وليس للمترقم والمجد للمفكر ،وليس للمتعسكر ،قال: الطالب باعباد فلما سحرنا بآياته وحسرنا ببعد غايآته وأحسن نصحنا وعثر على إفتضاحنا ونضخ ضحضاحنا ،فأخذ الطلاب بنصيحته في الحال، وعرفوا مغزاها من غير إنتحال، وطفقوا يمدوه بالدعاء، وهو يقلب وجهه في السماء، فأردت معرفت ما عليه من سيماء وتذكرت ما يتخذ من الأسماء، فأيقنت أنه سفير السلام، وأبن الأيام ،وعلم الأعلام، والساحر اللاعب بالأفهام،المذلل له سبل الكلام، صاحب البلاغة الجلية ،وحاصد الشهادات الدولية،ملحم مقامتي وناثر كلاماتي من بنات الأبكار، وبطل روايتي في الأخبار الأديب عبدالمجيد باعباد ناثر بطون الصفاد، ومفرغ قنينة المداد، في الادب والإنتقاد القاعد بالوصيد، لأصحاب القصيد، والمبدع في ديار العصيد/ الدكتور عبدالمجيد محمد عبدالمجيد..

 
Top